للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

باب المشي إلى الجمعة عن آدم، فقال فيه: عن سعيد وأبي سلمة، كلاهما عن أبي هريرة، وكذلك أخرجه مسلم من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عنهما.

وذكر الدارقطني الاختلاف فيه على الزهري، وجزم بأنه عندَه عنهما جميعًا، قال: وكان ربما اقتصر على أحدهما، وأما الترمذي فإنه أخرجه من طريق يزيد بن زريع عن معمر عن الزهري عن ابن أبي سلمة وحده، ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد وحده. قال: وقول عبد الرزاق أصح. وأخرجه من طريق ابن عُيينة عن الزهري قال عبد الرزاق، وهذا عمل صحيح لو لم يثبت أنَّ الزهري حدَّث به عنهما.

وقد أخرجه المصنف في باب المشي إلى الجمعة من طريق شعيب، ومسلم من طريق يونس كلاهما عن الزهري عن أبي سلمة وحده، ورَجَحَ ما قاله الدارقطني.

وفيه: أن رواته كلهم مدنيون ما خلا شيخ البخاري فإنه عسقلاني.

قوله: (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا»)

مطابقته للترجمة ظاهرة.

قوله: (إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ) قال شيخنا: هو أخصُّ من قوله في حديث أبي قتادة: ((إذا أتيتم الصلاة)) لكنَّ الظاهر أنه من مفهوم الموافقة، لأن الْمُسرِع إذا أقيمت الصلاة يترجَّى إدراكَ فضيلةِ التكبيرة الأولى ونحو ذلك، ومع ذلك فقد نهى عن الإسراع فغيُره ممن جاء قبل الإقامة لا يحتاج إلى الإسراع، لأنه يتحقق إدراكُ الصلاة كلِّها فيُنهى عن الإسراع من باب أولى.

وقد لحظ فيه بعضُهم معنًى غيَر هذا فقال: الحكمةُ في التقييد بالإقامة أن المُسرع إذا أقيمت الصلاة يصلُ إليها وانبهر، فيقرأ وهو في تلك الحالة فلا يُحصِّل تمامَ الخشوع في الترتيل وغيره، بخلاف من جاء قبل ذلك فإنَّ الصلاة لا تُقام حتى يستريح. انتهى.

وقضيةُ هذا أنه لا يُكره الإسراعُ لمن جاء قبل الإقامة، وهو مخالفٌ لصريح قوله: ((إذا أتيتم الصلاة)) لأنه يتناول ما قبل الإقامة، وإنما قُيِّدَ (١) في الحديث الثاني بالإقامة لأن ذلك هو الحاصلُ في الغالب على الإسراع.

قوله: (وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ) كذا في رواية أبي ذر، ولغيره: <وعليكم السكينةَ> بالنصب بلا باء، وكذا في رواية مسلم من طريق يونس، وضبَطَها القرطبيُّ الشارحُ بالنصب على الإغراء، وضبطها النووي بالرفع على أنها جملةٌ في موضع الحال.

واستشكَل بعضُهم دخولَ الباء، قال: لأنه مُتَعَدٍّ بنفسِه كقوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: ١٠٥]، ورُدَّ بأنَّها زائدةٌ للتأكيد. قال شيخنا: وفيه نظر لثبوت زيادة الباء في الأحاديث الصحيحة كحديث: ((عليكم برخصة الله) وحديث: ((فعليه بالصوم فإنه له وِجاء) وحديث: ((عليك بالمرأة)) قاله لأبي طلحة في قصة صفية، وحديث: عليكَ بعَيْبَتِكَ قالته عائشة لعمر، وحديث: ((عليكم بقيام


(١) في (الأصل) : ((قيل)) والصواب ((قيد)).

<<  <   >  >>