للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولا يخفى فساد هذا. قلتُ: لأنه جعل الحسنة بعشر أمثالها للمنفرد ولم يعتبره في غيره. انتهى.

وقيل: الأعداد عشرات ومِئينَ وألوف، وخير الأمور الوسط فاعتبرت المئة، والعدد المذكور رُبعها. وهذا أشدُّ فسادًا من الذي قبله. قلت لم يقل أحدٌ أنَّ الأقل من الأجر خير من الأكثر. انتهى.

قال شيخنا: وقرأت بخط شيخنا البُلقيني - أي سراج الدين عمر - فيما كَتَبَ على «العمدة» : ظهرَ لي في هذين العددين شيءٌ لم أُسبَق إليه، لأن لفظ ابن عمر: ((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ) ومعناه: الصلاة في الجماعة كما وقع في حديث أبي هريرة: ((وصلاة الرجل في الجماعة))، وعلى هذا فكل واحد من المحكوم له بذلك صلى في جماعة، وأدنى الأعداد التي يتحقق فيها ذلك ثلاثةٌ، حتى يكون كلُّ واحد صلى في جماعة وكلُّ واحد منهم أتى بحسنة وهي بعشرة، فيحصل من مجموعه ثلاثون، فاقتصر في الحديث على الفضل الزائد وهو سبعة وعشرون دون الثلاثة التي هي أصل ذلك. انتهى.

قال شيخنا: وظهر لي في الجمع بين العددين أن أقل الجماعة إمام ومأموم فلولا الإمام ما سُمي المأموم مأمومًا، وكذا عكسُه فإذا تفضل الله على من صلى جماعة بزيادة خمس وعشرين درجةً حُمِل الخبرُ الوارد بلفظها على الفضل الزائد والخبرُ الوارد بلفظ سبعة وعشرين على الأصلِ والفضلِ. انتهى.

وقد خاض قومٌ في تعيين الأسباب المقتضية للدرجات المذكورة، قال ابن الجوزي: وما جاؤوا بطائل. وقال المحب الطبري: ذَكَر بعضُهم أن في حديث أبي هريرة (١) - يعني ثالث أحاديث الباب - إشارةً إلى بعض ذلك، ويضاف إليه أمور أخرى وردت في ذلك، وقد فصَّلها ابن بَطَّال وتبعه جماعة من الشارحين، وتعقب الزينُ ابن المنير بعضَ ما ذكر واختار تفصيلًا آخر أورده.

قال شيخنا: وقد نقَّحتُ ما وقفتُ عليه من ذلك وحذفتُ ما لا يختص بصلاة الجماعة.

فأوَّلُها: إجابةُ المؤذن بنية الصلاة في جماعة، والتبكيرُ إليها في أول الوقت، والمشيُ إلى المسجد بالسكينة، ودخولُ المسجد داعيًا، وصلاة التحية عند دخوله، كلُّ ذلك بنية الصلاة في الجماعة.

سادسها: انتظار الجماعة.

سابعها: صلاة الملائكة عليه واستغفارهم له.

ثامنها: شهادتهم له.

تاسعها: إجابةُ الإقامة.

عاشرها: السلامةُ من الشيطان عند نفره عند الإقامة.

حادي عشرها: الوقوف منتظرًا إحرام الإمام، أو الدخول معه في أي هيئة وجده عليها.

ثاني عشرها: إدراك تكبيرة الإحرام كذلك.

ثالث عشرها: تسوية الصفوف، وسد فرجها.

رابع عشرها: جواب الإمام عند قوله: سمع الله لمن حمده.

خامس عشرها: الأمنُ من السهو غالبًا، وتنبيه الإمام إذا سها بالتسبيح أو الفتحِ عليه.

سادس عشرها: حصول الخشوع والسلامة عما يلهي غالبًا.

سابع عشرها: تحسين الهيئة غالبًا.

ثامن عشرها: احتفافُ الملائكة به.

تاسع عشرها: التدربُ على تجويد القراءة، وتعلمُ الأركان والأبعاض.

العشرون: إظهارُ شعائر الإسلام.

الحادي والعشرون: إرغامُ الشيطان بالاجتماع للعبادة والتعاون على الطاعة ونشاط المتكاسل.

الثاني والعشرون: السلامةُ من صفة النفاق ومِن


(١) ((أبي هريرة)) ليست في (الأصل) والصواب إثباتها.

<<  <   >  >>