الرابع والعشرون: الانتفاعُ باجتماعهم على الدعاء والذكرِ وعود برَكَة الكاملِ على الناقص.
الخامس والعشرون: قيام نظام الأُلْفة بين الجيران وحصولُ تعاهدِهم في أوقات الصلوات.
فهذه خمس وعشرون خَصلة وَرَدَ في كُلٍّ منها أمرٌ أو ترغيبٌ يخُصُّهُ، وبقي منها أمران يختصان بالجهرية وهما: الإنصاتُ عند قراءة الإمام والاستماعُ لها والتأمين عند تأمينه ليوافق تأمين الملائكة، وبهذا يترجح أن السبع تختص بالجهرية، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
قال شيخنا أيضًا: تنبيهات: الأول: مقتضى الخصال التي ذكرتُها اختصاصُ التضعيف بالتجميع في المسجد وهو الراجح في نظري كما سيأتي البحث فيه، وعلى تقدير أن لا يختص بالمسجد فإنما يسقط مما ذكرتُه ثلاثةُ أشياء وهي: المشيُ والدخولُ والتحيةُ، ويمكن أن يعوضَ من بعض ما ذُكِر مما تشتمل على خصلتين متقاربتين أقيمتا مقام خصلة واحدة كالأخيرتين، لأن منفعة الاجتماع على الدعاء والذكر غير منفعة فائدةِ عود بركة (١) الكامل على الناقص، وكذا فائدة قيام نظام الأُلفة غير فائدةِ حصول التعهد، وكذا فائدة أمن المأمومين من السهو غالبًا غير تنبيه الإمام إذا سها. فهذه ثلاثة يمكن أن يعوض بها الثلاثةُ المذكورة فيحصل المطلوبُ.
الثاني: لا يرد على الخصال التي ذكرتُها كونُ بعض الخصال يختص ببعض من صلى جماعةً دون بعض، كالتبكير في أول الوقت وانتظار الجماعة وانتظار إحرام الإمام ونحو ذلك، لأن أجر ذلك يحصُل لقاصده بمجرد النية ولو لم يقع كما سبق والله أعلم. انتهى.
الثالث: معنى الدرجة والجزء حصولُ مقدارِ صلاة المنفرد بالعدد المذكور للمجمع، وقد أشار ابن دقيق العيد إلى أن بعضهم زعم خلافَ ذلك، قال: والأول أظهر لأنه قد ورد مثلها في بعض الروايات. انتهى. وكأنه يشير إلى ما عند مسلم في بعض طرقه بلفظ:((صلاة الجماعة تعدِل خمسًا وعشرين من صلاة الفذِّ))، وفي أخرى:((صلاةٌ مع الإمام أفضلُ من خمسٍ وعشرين صلاةً يصليها وحده))، ولأحمد من حديث بن مسعود بإسناد رجاله ثقاتٌ نحوُه. وقال في آخره:((كلها مثل صلاته))، وهو مقتضى لفظ رواية أبي هريرة الآتية حيث قال:((تضعف)) لأن الضِّعف كما قال الأزهري: المِثْلُ إلى ما زاد، ليس بمقصور على المثلين، كقوله: هذا ضِعف الشيء، مثلُه أو مِثْلَاه فصاعدًا، لكن لا يزاد على العشرة.
وظاهر قوله:((تضعف)) وكذا قوله في روايتي ابنِ عمر وأبي سعيد: ((تفضُل)) أي تزيد، وقولُه في رواية أبي هريرة السابقة في باب مساجد السوق يريد أن صلاة الجماعة تساوي صلاة المنفرد وتزيد عليها العددَ المذكور، فيكون لمصلي الجماعة ثوابُ سِتٍّ أو ثمانٍ وعشرين من صلاة المنفرد.
قوله:(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ) أي التنيسي المذكور في الإسناد السابق.