ابن القطَّان في حديث البزَّار: خَطِئ فيه ابن عُيَيْنَة، وليس خطؤه بمتعين؛ لاحتمال أن يكون أبو جُهيم بعث بُسرًا إلى زيد، وزيد بعثه إلى أبي جُهَيم يستثبت كلُّ واحد ما عند الآخر، فأخبر كلٌّ منهما بمحفوظه، فشكَّ أحدُهما وجزم الآخر، واجتمع ذلك كلُّه عند أبي النَّضْر. انتهى.
قال شيخنا: تعليل الأئمَّة للأحاديث مبني على غلبة الظنِّ، فإذا قالوا: أخطأ فلان في كذا، لم يتعيَّن خطؤه في نفس الأمر، بل هو راجح الاحتمال فيُعتمد، ولولا ذلك لما اشترطوا انتفاء الشاذِّ، وهو ما يخالف الثقةُ فيه من هو أرجحُ منه في حدِّ الصحيح. انتهى.
قال العَيني: قول مالك في «الموطأ» : لم يُختلف عليه فيه أنَّ المرسل هو زيد، وأنَّ المرسل إليه هو أبو جُهيم. وتابعه سُفْيان الثَّوْري عن أبي النَّضْر عند مسلم وابن ماجَهْ وغيرهما، وخالفهما ابن عُيَيْنَة عن أبي النَّضْر فقال: عن بُسر بن سعيد قال: أرسلني أبو جُهَيم إلى زيد بن خالد أسأله، فذكر هذا الحديث. قلت: هذا عكس متن «الصحيحين»؛ لأنَّ المسؤول فيهما هو أبو الجُهَيم، وهو الرَّاوي عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعند البزَّار: المسؤول زيد بن خالد. انتهى.
قوله:(مَاذَا عَلَيْهِ) أي من الإثم والخطيئة، وفي رواية الكُشْمِيهَني: <مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ> وليس هذه الزيادة في شيء من الروايات غيره، وكذا في «الموطأ» ليست هذه الزيادة وكذا في سائر المسندات والمستخرجات، غير أنَّه وَقَعَ في «مصنَّف ابن أبي شَيْبَة» : ((ماذا عليه)) يعني: من الإثم. انتهى.
قال شيخنا: فيحتمل أن يكون ذكرت حاشية فظنَّها الكُشْمِيْهَني أصلًا؛ لأنَّه لم يكن من أهل العلم ولا من الحفَّاظ، وقد عزاها المحبُّ الطَّبَري في «الأحكام» للبخاريِّ وأطلق، فعيب ذلك عليه وعلى صاحب «العمدة» في إيهامه إنَّها في «الصحيحين»، وأنكر ابن الصَّلاح في «مشكل الوسيط» على من أثبتها في الخبر فقال: لفظ الإثم ليس في الحديث صريحًا، ولما ذكره النَّوَوي في «شرح المهذب» بدونها قال: وفي رواية رُوِّيناها في «الأربعين» لعبد القادر الرَّهاوي: ((ماذا عليه من الإثم)). انتهى.
قال العَيني: قوله: (مَاذَا عَلَيْهِ) كلمة (ما) استفهام، ومحلُّه الرَّفع على الابتداء، وكلمة (ذا) إشارة خبره، والأَولى أن تكون (ذا) موصولة بدليل افتقاره إلى شيء بعده؛ لأنَّ تقديره: ماذا عليه من الإثم، ثمَّ إن (مَاذَا عَلَيْهِ) في محلِّ النَّصب على أنَّه سدَّ مسدَّ المفعولين لقوله: (لَوْ يعْلَم) وقد عُلِّق عمله بالاستفهام.
قوله:(بَيْنَ يَدَي المُصَلِّي) أي أمامه بالقرب منه، وعبر باليدين لكون أكثر الشغل يقع بينهما، وقد تقدَّم حدُّ ذلك، فقيل: إذا مرَّ بينَه وبين مقدار سجوده، وقيل: بينَه وبين مقدار ثلاثة أذرع، وقيل: بينَه وبين قدر رميةٍ بحجر.
قوله:(لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَربَعِيْنَ) وقد ذكرنا: أنَّ في رواية ابن ماجه: ((أربعين سنة أو شهرًا أو صباحًا أو ساعةً))، وفي رواية البزَّار:((أربعين خريفًا))، وفي «صحيح ابن حبَّان» عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لو يعلمُ أحدُكم ما لهُ في أن يمرَّ بين يدي أخيه معترضًا