(فَأَخَذَهُ)، وفي رواية الكُشْمِيهَنِي: <فَأَخَّرَهُ> أي فأخَّره عن الطريق.
قوله (فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ) معناه: رضي فعله وتقبل منه وأثنى عليه، يقال: شكرتُه وشكرتُ له بمعنى واحد.
قوله: (الشُّهَدَاءُ) جمع: شهيد، سُمِّيَ به لأن الملائكة يشهدون موتَه، فكان مشهودًا. وقيل: مشهودٌ له بالجنة، فعلى هذا يكون الشهيد على وزن: فعيل، بمعنى: مفعول، وقيل: لأنه حيٌّ عند الله حاضرٌ ويشهد حضر القدس ويحضرها، وقيل: لأنه شهِدَ ما أعدَّ اللهُ له من الكرامة. وقيل: لأنه ممن يستشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على سائر الأمم المكذِّبين، فعلى هذه المعاني يكون الشهيد بمعنى: شاهد.
قوله: (خَمْسٌ) بدون التاء، هكذا في رواية أبي ذر عن الحموي، وفي رواية الباقين: <خمسة> بالتاء، وهذا هو الأصل. ولكن إذا كان المميَّز غير مذكور جاز الأمران، وفي رواية مالك في «الموطأ» : ((الشهداء سبعة))، ونقص: (الشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّه)، وزاد: ((صاحب ذات الجنب، والحريق، والمرأة تموت بجمع)) أي التي تموت وولدُها في بطنها. وفي رواية أبي داود والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث جابر بن عتيك مرفوعًا: ((الشهادة سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون والغريق وصاحب الجنب والمبطون وصاحب الحريق والذي يموت تحت الهدم والمرأة تموت بجمع)).
وفي حديث ابن ماجه من حديث عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: ((موت الغريب شهادة))، وإسناده ضعيف.
وَرَوَى سُويد بن سعيد الحَدَثاني عن علي بن مُسهِر عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن عشِقَ فعفَّ وكتمه ثم مات، مات شهيدًا)). وقد أنكره علَى سُويد الأئمةُ، قاله ابن عدي في «كامله»، وكذا أنكره البيهقي وابن طاهر، وقال ابن حبان: من روى مثل هذا عن علي بن مسهر تجب مجانبة روايته، وسويد بن سعيد هذا وإن كان مسلم أخرج له في «صحيحه» فقد اعتذر مسلم عن ذلك، وقال: إنه لم يأخذ عنه إلا ما كان عاليًا وتوبع عليه، ولأجل هذا أعرَضَ عن مثل هذا الحديث.
وذكر ابنُ عساكر عن ابن عباس في تعداد الشهداء: الشريقُ وما أكله السبع. فإن الشهداء في «الصحيح» : خمسة، وفي رواية مالك: سبعة، ومع رواية ابن ماجه عن ابن عباس تكون: ثمانية، ومع رواية سويد بن غفلة عن ابن عباس تكون: تسعة، وفي رواية ابن عساكر عن ابن عباس يكون أحد عشر؟ قال العيني: لا تناقض بينها لأن الاختلاف في العدد بحسب اختلاف الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: (المَطْعُونُ) هو الذي يموت في الطاعون (١)، أي الوباء، ولم يُرِد المطعونَ بالسِّنان، لأنه الشهيد في سبيل الله، والطاعون مرض عام يفسد له الهواء فتفسد الأمزجة والأبدان.
قوله: (وَالمَبْطُونُ) هو صاحب الإسهال، وقيل: هو الذي به الاستسقاء، وقيل: هو الذي يشتكي بطنَه. وقيل: من مات بداء بطنه مطلقًا.
قوله: (وَصَاحِبُ الهَدْمِ) هو الذي يموت تحت الهدم، وقال ابن الجوزي: بفتح الدال المهملة، وهو اسم ما يقع، وأما بتسكين الدال فهو الفعل
(١) ((في الطاعون)) ليست في (الأصل) والاستدراك من عمدة القاري.