صاحب «الجَنَى الدَّانِي» في واو الثمانية فقد علمت بهذا لأن الشارع عليه السلام ذكر أول الأعداد الكاملة لأصحاب المقامات الكاملة.
قلت: وقد وقع في هذا الحدث عددان باعتبارين، عدد باعتبار الأوصاف، وعدد باعتبار المتصفين، فالأوصاف سبعة والمتصفين ثمانية لأن المحبة من اثنين فكأنهما جَامِعَان لمعان السِتَّة، من عمل بمجموع الأوصاف غلقت عنه أبواب النار، وفتحت له أبواب الجنة انتهى.
قوله: (يُظِلُّهُم الله) جملة في محل الرفع على أنَّها خبر المبتدأ وهو قوله (سَبْعَة).
قوله: (في ظِلِّه) قال عياض: إضافة الظل إلى الله إضافة ملك، وكل ظل فهو ملكه كذا قال، وكان حقه أن يقول إضافة تشريف ليحصل امتياز هذا على غيره كما قيل للكعبة بيت الله مع أن المساجد كلها ملكه، وأما الظل الحقيقي فالله تعالى منزه عنه لأنَّه من خواص الأجسام، وقيل المراد بظله كرامته وحمايته كما يقال فلان في ظل الملك وهو قول عيسى بن دينار وقواه عياض، يقول العرب: أنَا في ظل فلان، أي في ستره وكنفه. وتسمي العرب الليل ظلاً لبرده، ويقال المراد ظل عرشه.
ويؤيده ما رواه سعيد بن منصور بإسناد حسن من حديث سلمان رضي الله عنه: ((سبعة يظلهم الله في ظل عرشه...)) فذكر الحديث، وإذا كان المراد ظل العرش استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس، قال شيخنا: فهو أرجح، وبه جزم القرطبي، ويؤيد أيضاً تقييد ذلك بيوم القيامة كما صرح به عبد الله بن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر وهو عنْد البخاري في كتاب الحدود، وبهذا يندفع قول من قال المراد ظل طوبى أو ظل الجنة لأنَّ ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة،
ثم إنَّ ذلك مشترك لجميع من يدخلها والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة ولا يكون ذلك إلا يوم يقوم الناس لرب العالمين ودنت منهم الشمس ويشتد عليهم حرها ويأخذهم العرق ولا ظل إلا العرش فترجح أنَّ المراد ظل العرش.
وروى الترمذي وحسنه من حديث أبي سعيد مرفوعا: ((أحب الناس إلى الله تعالى يوم القيامة منه إمام عادل)).
قوله: (يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه) أي يوم القيامة الذي ليس لأحد فيه الشفاعة لدفع مكروه عن غيره، وإنَّما الحماية له.
قوله: (الإمَامُ العَادِلُ) خبر مبتدأ محذوف تقديره أحد السبعة الإمام العادل، والعادل اسم فاعل من العدل، وقال أبو عمر: أكثر رواة الموطأ عادل، وقد رواه بعضهم عدل وهو المختار عند أهل اللغة، يقال رجل عدل ورجال عدل وامرأة عدل، ويجوز إمام عادل على اسم الفاعل يقال عدل فهو عادل كما يقال ضرب فهو ضارب.
وقال ابن الأثير: العدل في الأصل مصدر سمي به ووضع موضع العادل فهو أبلغ منه لأنَّه جعل المسمى نفسه عدلاً. انتهى.
ومعنى الإمام العدل الواضع كل شيء في موضعه، وقيل الوسط بين طرفي