للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ بَعْضَهُ) أي روى الحديثَ المذكورَ أبو داود سليمانُ الطيالسي.

قوله: (بَعْضَهُ) بالنصب بدلٌ من الضمير الذي في رواه، وروايته هذه وصَلها البزار، قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا أبو داود به. ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم المقدَّم بين يدي أبي بكر، هكذا رواه مختصراً، يعني: يوم صلى بالناس وأبو بكر إلى جنبه. وهو موافق لقصة حديث الباب لكن رواه ابن خزيمة في «صحيحه» عن محمد بن بشار عن أبي داود بسنده هذا عن عائشة قالت: مِن الناس من يقول: كان أبو بكر المقدَّم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم المقدَّم، ورواه مسلم بن إبراهيم عن شعبة بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر. أخرجه ابن المنذر. وهذا عكس رواية أبي موسى، وهو اختلافٌ شديد، ووقع في رواية مسروق عنها أيضاً اختلافٌ فأخرجه ابن حِبَّان من رواية عاصمٍ عن شقيق عنه بلفظ: كان أبو بكر يصلي بصلاته، والناسُ يُصلُّون بصلاة أبي بكر.

وأخرجه الترمذي والنسائي وابن خزيمة من رواية شعبة عن نُعيم بن أبي هند عن شقيق بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر، وظاهرُ رواية محمد بن بشار أن عائشة لم تشاهد الهيئة المذكورة، لكن تضافرت الروايات عنها بالجزم بما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمامَ في تلك الصلاة، منها: روايةُ موسى بن أبي عائشة التي أشرنا إليها ففيها: فجعل أبو بكرٍ يصلي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناسُ يصلون بصلاة أبي بكر. وهذه روايةُ زائدة بن قدامة عن موسى، وخالفه شعبةُ أيضاً فرواه عن موسى بلفظ: أن أبا بكر صلى بالناس ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الصفِّ خلفه.

فمن العلماء من سلك الترجيح فقدَّم الروايةَ التي فيه أن أبا بكر كان مأموماً للجزم بها، ولأن أبا معاوية أحفظ من حديث الأعمش من غيره، ومنهم مَن عكس ذلك ورجح أنه كان إماماً وتمسَّك بقول أبي بكر الآتي في باب من دخل ليؤمّ الناس حيث قال: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من سلك الجمعَ فحمل القصةَ على التعدد وأجاب عن قول أبي بكر كما سيأتي في بابٍه، ويؤيده اختلاف النقل عن الصحابة عن عائشة، فحديث ابن عباس فيه أن أبا بكر كان مأموماً كما سيأتي في رواية موسى ابن أبي عائشة، وكذا في رواية أرقم بن شرحبيل التي أشرنا إليها عن ابن عباس. وحيثُ أنس فيه أن أبا بكر كان إماماً. أخرجه الترمذي وغيره من رواية حميد عن ثابت عنه بلفظ: آخرُ صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في ثوب. وأخرجه النسائي من وجه آخرَ عن أنس فلم يذكر ثابتاً، وسيأتي بيان

<<  <   >  >>