للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (قَالَ نَعَمْ) أي قال أبو بكر: نعم أقم الصلاة، وزاد في رواية عبد العزيز (١) عن أبي حازم عن أبيه لفظة: (إِنْ شِئْتَ). وأخرج البخاري هذه الرواية في باب رفع الأيدي، ووجه هذا التفويض إليه لاحتمال أن يكون عنده زيادةُ علمٍ من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. قلت: قال علماء اللسان: نعم بفتح العين وكذا بكسرها، وهي حرفُ تصديقٍ ووعد وإعلام: فالأول: بعد الخبر كقام زيدٌ أو ما قام زيدٌ، والثاني: بعد افعل أو لا تفعل وما في معناهما نحو: أتفعل؟ وهلَاّ لم تفعل؟ وبعد الاستفهام في نحو: هل تعطيني؟ ويحتمل أن تفسر في هذا بالمعنى. والثالث: المعنيين بعد الاستفهام في نحو: هل جاءك زيد؟ ونحو: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا} [الأعراف: ٤٤]، {إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا}؟ [الأعراف: ١١٣]. وهي في الحديث بالمعنى الثاني. انتهى.

قوله: (فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ) ليس على حقيقته، بل معناه دخل في الصلاة، ويدل عليه رواية عبد العزيز: (وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ) وفي رواية المسعودي عن أبي حازم: (فَاسْتَفْتَحَ أَبُو بَكْرٍ الصَّلَاةَ)، وهي عند الطبراني. وبهذا يجاب عن الفرق بين المقامين حيث امتنع هنا أن يستمرَّ إماماً وحيث استمر في مرض موته عليه السلام حين صلى خلفه الركعة الثانية من الصبح، كما صرح به موسى بن عقبة في «المغازي» فكأنه لَمَّا أن مضى معظم الصلاة حسُن الاستمرارُ، ولما أنْ لم يمض منها إلا اليسيرُ لم يستمر، وكذا وقع لعبد الرحمن بن عوف حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه الركعة الثانية من الصبح، فإنه استمر في صلاته إماماً لهذا المعنى، وقصة عبد الرحمن عند مسلم من حديث المغيرة بن شعبة.

قوله: (وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ) جملة حالية، يعني: شرعوا فيها مع شروع أبي بكر.

قوله: (فَتَخَلَّصَ) قال الكِرماني: صار خالصاً من الأشغال. قال العيني: ليس المراد هذا المعنى ههنا، بل معناه فتخلص من شق الصفوف حتى وصل إلى الصف الأول. انتهى. قال شيخنا: في رواية عبد العزيز: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقاً حتى قام في الصف الأول، ولمسلم: فخرَق الصفوف حتى قام عند الصف الْمُقَدَّم.

قوله: (فَصَفَّقَ النَّاسُ) بتشديد الفاء، من التصفيق. قال الكِرماني: التصفيق الضربُ الذي يُسمَع له صوت، والتصفيق باليد التصويتُ بها. انتهى. قال العيني: التصفيق هو التصفيحُ بالحاء سواءٌ صفَّق بيده أو صفح. وقيل: هو بالحاء الضربُ بظاهر اليد إحداهما على صفحة الأخرى، وهو للإنذار والتنبيه. وبالقاف: ضرب إحدى الصفحتين على الأخرى، وهو لَّلهو واللعب. وقال أبو داود: قال عيسى بن أيوب: التصفيحُ للنساء ضربٌ بإصبعين من يمينها على كفها اليسرى. وقال الداودي: في بعض الروايات: فصفَّح القوم. وإنما التصفيح للنساء. يحتمل أنهم ضربوا أكفهم على أفخاذهم. قال العيني: في رواية عبد العزيز: فأخذ الناس في التصفيح، قال سهل: أتدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق. قال شيخنا: وهذا


(١) في (الأصل) : ((عبد الرزاق)) والصواب ((عبد العزيز)).

<<  <   >  >>