للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أول الوقت متقدم على انتظار الإمامِ الأفضلِ.

وفيه: أن المؤذن هو الذي يقيم وهذا السنة، فإن أقام غيرُه كان خلاف السنة. قيل: يعتد بإذنه عند الجمهور. قال العيني: وبغير إذنه أيضا يُعتَدُّ به، وإذا أقام غير المؤذن أيضاً يُعتَدُّ عندنا، لقوله عليه السلام لعبد الله بن زيد حين رأى الأذان: ((ألقها على بلال فإنه أمدُّ صوتاً منك، وأقم أنت)). وقولُه عليه السلام: ((مَن أذَّن فهو يقيمُ)) كان في حق زياد بن الحارث الصُّدائي، وكان حديث العهد بالإسلام، أمره به لئلا يدخلَه الوحشةُ.

وفيه: جواز التسبيح والحمد في الصلاة لأنه من ذكر الله، ولو كان مرادُ المسبِّحِ إعلامُ غيره بما صدر منه، وسيأتي في باب مفرد.

وفيه: رفع الأيدي في الصلاة عند الدعاء والثناء وسيأتي كذلك.

وفيه: استحبابُ حمد الله لمن تجددتْ له نعمةٌ ولو كان في الصلاة. وأما إذا قال: الحمد لله، وأراد الجواب اختلف المشايخ في فساد صلاته. وفي «المحيط» : لو حمد الله العاطسُ في نفسه ولا يحرك لسانه عن أبي حنيفة لا تفسد، فلو حرك يفسد. وفي «فتاوى العتَّابي» : لو قال السامع: الحمد لله على رجاء الثواب من غير إرادة الجواب لا تفسد، وإذا فتح على إمامه لا تفسد، وعلى غيره تفسد. وقال ابن قدامة: قال أبو حنيفة: إن فتح على إمامه بطلت صلاته قال العيني: هذا غير صحيح. انتهى. ومذهبُ مالك والشافعي: إذا سبح لأعمى خوفَ أن يقع في بئرٍ أو دابةٍ أو حيةٍ أنه جائز.

وفيه: جواز الالتفات للحاجة، وأن مخاطبة المصلي بالإشارة أَوْلَى من مخاطبته بالعِبارة، وأنها تقوم مَقام النطق لمعاتبة النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على مخالفة إشارته، قاله ابن عبد البر (١)، وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصلاة إذا كان يسيراً. قال العيني: هذا إذا كان لحاجة، لما رَوَى سهلُ بن الحنظلية من حديث فيه: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشِّعبِ. وقال أبو داود: كان أَرسَلَ فارساً إلى الشِّعْبِ يحرس. وقال الحاكم: سنده صحيح، وأما إذا كان لا لحاجة فإنه يكره، لما رُوي عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الله تعالى مقبلاً على العبد وهو في صلاتِه ما لم يلتفتْ، فإذا التفَتَ انصرفَ عنه)). وعند ابن خزيمة عن ابن عباس: كان - عليه السلام - يلتَفِتُ يميناً وشِمالًا ولا يَلوي عنقه خلفَ ظهرِه. وعند ابن خزيمة عن علي بن شيبان - وكان أحد الوفد - قال: صليتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلَمَحَ بمؤخَّر عينه إلى رجل لا يقيم صلبَه في الركوع ولا في السجود. فإن قلتَ: روى أبو داود: ((لا صلاة لملتفت)) قال العيني: ضعَّفَه ابن القطان وغيرُه.

وفيه: جواز شقِّ الصفوفِ والمشيِ بين المصلين لقصد الوصول إلى الصف الأول، لكنَّه مقصور على من يليق ذلك به كالإمام، أو من كان بصدد أن يحتاج الإمام إلى استخلافه، أو من أراد سد فُرجة في الصف الأول أو ما يليه مع ترْكِ من يليه سدَّها، ولا يكون ذلك معدوداً من الأذى. قال المهلب: ولا تعارض بين هذا وبين النهي عن التخطي لأن النبي صلى الله عليه وسلم


(١) في (الأصل) : ((قال)) وبعده بياض، والمثبت من عمدة القاري.

<<  <   >  >>