للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَكَعَ، فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ))).

مطابقته للترجمة مثلُ ما ذكرنا في الحديث الذي قبله.

قوله: (رَكِبَ فَرَسًا) بفتح الفاء والراء. قلتُ: هو الحيوان الصاهل وله خواصٌّ منها: أن المرأة إذا سُقيت من لبنه ولم تعلم أنه لبن فرس وواقعها زوجُها حملت في ساعتها، ومنها: أنه إذا أخذت شعرةً من ذنب فرس وجُعِلت على باب بيتٍ ممدودةً لم يدخله بَقٌّ ما دامت ممدودةً عليه، فهذه فائدتان إحداهما لِجلبِ نفعٍ والأخرى لدفع ضرر، وأنتَ إذا تأملتَ حالَ الفرس رأيتَه لجلب نفعٍ أو دفعِ ضرر. انتهى.

قوله: (فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ) وفي رواية سفيان عن الزهري: (فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ)، وكذا في رواية حميد عن أنس عند الإسماعيلي. وقال القرطبي: اللام للعهد ظاهراً، والمراد الفرضُ لأن المعهود من عادتهم اجتماعُهم للفرض بخلاف النافلة، وحكى عياض عن ابن القاسم: أن هذه الصلاة كانت نفلاً. قال شيخنا: وتُعُقِّبَ: بأن في رواية جابر عند ابن خزيمة وأبي داود الجزمُ بأنها فرضٌ كما سيأتي، لكن لم أقف على تعيينها إلا في حديث أنس: فصلى بنا يومئذ. فكأنها نهاريَّةُ الظهر أو العصر. انتهى. قال العيني: لا ظاهر هنا يدل على ما ادَّعاه وَلِمَ لا يجوز أن تكون التي صلى بهم يومئذ نفلاً. انتهى. قلتُ: ظهورُ كونها فرضاً ثابتٌ من جزم روايةِ ابن خزيمة وأبي داود وتعليلِ القرطبي فلا وجه لنفيِ الظهورِ والله أعلم. انتهى.

قوله: (فَجُحِشَ) بجيم مضمومة ثم حاءٍ مهملة مكسورة أي: خُدِشَ، وهو أن يتقشَّر جِلدُ العضو.

قوله: (فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا) أي حال كوننا قاعدين. ظاهرُه يخالف حديث عائشة، لأن فيه: (فَصَلَّى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا). وفي الجمع بينهما وجوه: الأول: أنَّ في رواية أنس اختصاراً وكأنه اقتصر على ما آل إليه الحال بعد أمره لهم بالجلوس. الثاني: ما قاله القرطبي وهو أنه: يحتمل أن يكون بعضُهم قعد من أول الحال، وهو الذي حكاه أنس، وبعضُهم قام حتى أشار إليه بالجلوس، وهو الذي حكته عائشة.

قال شيخنا: وتُعُقِّبَ باستبعاد قعودِ بعضِهِم بغير إذنِه - صلى الله عليه وسلم - لأنه يستلزم النسخ بالاجتهاد، ولأن فرضَ القادر في الأصلِ القيامُ. انتهى. الثالث: ما قاله قومٌ وهو احتمال تعدد الواقعة، وقال شيخنا: وفيه بُعْدٌ لأن حديث أنسٍ إن كانت القصةُ سابقةً لزم منه ما ذكرنا من النسخِ بالاجتهاد، وإن كانت متأخرةً لم يُحَتج إلى إعادة قولِه: (إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ...) إلى آخره، لأنهم قد امتثلوا أمره السابق وصلَّوْا قعوداً لكونه قاعداً. انتهى.

قال العيني: البُعد في الوجهين الأوَّلين، والوجه الثالث هو القريب، ويدل عليه ما وقع في رواية أبي داود عن جابر: أنهم دخلوا يعودونه مرتين، فصلى بهم فيهما. وبيَّنَ أنَّ الأولى كانت نافلةً وأقرَّهُم على القيام وهو جالس، والثانية كانت فريضةً وابتدأوا قياماً فأشار إليهم بالجلوس. وفي رواية بشر عن حميد

<<  <   >  >>