للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو منسوب إلى خَطْمي، بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء: بطن من الأوس. وقال الذهبي: عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصين بن (١) عمرو الأوسي الخطمي أبو موسى، شهد الحديبية ومات قبل ابن الزبير رضي الله عنهم. قلتُ: عبد الله هذا تقدمت ترجمته في باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحِسبة. انتهى.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنِي البَرَاءُ -وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ-) أي ابن عازب، ترجمته في باب الصلاة من الإيمان.

في هذا الإسنادِ: التحديثُ بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في ثلاث مواضع. وفيه: العنعنة في موضع واحد. وفيه: القول في أربع مواضع. وفيه: عبد الله بن يزيد الصحابي من أفراد البخاري. وفيه: رواية الصحابي ابنِ الصحابي عن الصحابي ابن الصحابي، كلاهُما من الأنصار ثم من الأوس وكلاهمُا سكن الكوفة، وذكر الذهبي في «تجريد الصحابة» والدَ عبد الله ووالد البراء كليهما في الصحابة، فقال: يزيد بن زيد بن حصين الأنصاري الخطمي، والد عبد الله وجد عدي بن ثابت لأمه. وقال أيضاً: عازب بن الحارث والدُ البراء، قال البراء: اشترى أبو بكر من عازب رجلاً.

وفيه: أن أبا إسحاق كان معروفاً بالرواية عن البراء بن عازب لكنه روى الحديث المذكور ههنا بواسطة وهو: عبد الله بن يزيد.

وفيه: أن أحد الرواة كان أميراً وهو: عبد الله بن يزيد، وكان أميراً على الكوفة في زمن عبد الله بن الزبير، وفي رواية البخاري في باب رفع البصر في الصلاة: أن أبا إسحاق قال: سمعت عبد الله بن يزيد يخطب.

وفيه: قوله: (غَيْرُ كَذُوبٍ) على وزن: فعول، وهو صيغة مبالغة: كصبور وشكور، واختلفوا في هذا قيل: في حق من؟ فقال يحيى بن معين والحميدي وابن الجوزي: إن الإشارة في قول أبي إسحاق: غير كذوب، إلى عبد الله بن يزيد (٢)، لا إلى البراء، لأن الصحابة عدول فلا يحتاج أحدٌ منهم إلى تزكيةٍ وتعديل. وقال الخطيب: إن كان هذا القول من أبي إسحاق فهو في عبد الله بن يزيد، وإن كان من عبد الله فهو في البراء. وقال الخطابي: هذا القول لا يوجب تهمةً في الراوي، إنما يوجب حقيقةَ الصدق له لأن هذه عادتُهم إذا أرادوا تأكيد العلم بالراوي والعمل بما رَوَى، وكان أبو هريرة يقول: سمعت خليلي الصادقَ المصدوقَ، وقال ابن مسعود: حدثني الصادق المصدوق، وسلك عياض أيضا هذا المسلك وقال: لم يُرِد به التعديل وإنما أراد به تقوية الحديث إذْ حدَّث به البراء، وهو غير متهم، ومثل هذا قول أبي مسلم الخولاني: حدثني الحبيب الأمين. وقال النووي: معنى الكلام: حدثني البراء وهو غير متهم، كما علمتم فثقوا بما أخبركم به عنه.

قال شيخنا: وقد اعترض بعض المتأخرين على التنظير المذكور فقال: كأنه لم يُلِمَّ بشيء من علم البيان، للفرق الواضح بين قولنا: فلان صدوق وفلان غير كذوب، لأن في الأول إثبات الصفة للموصوف، وفي الثاني نفي ضدها عنه فهما مفترقان قال:


(١) في (الأصل) : ((أبو))، والصواب: ((بن)).
(٢) في (الأصل) : ((زيد))، والصواب: ((يزيد)).

<<  <   >  >>