للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث واحد وفيه: (فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ) على ما يأتي، وفيه المطابقة. فإن قلتَ: فإذا كان كذلك، فلِمَ قطعَه؟ قال العيني: للتنبيه على فائدتين: الأولى: أنه أشار بالطريق الأولى على علو الإسناد. الثانية: أنه أشار بالطريق الثانية إلى التصريح بسماع عمرو بن دينار من جابر بن عبد الله.

قال شيخنا: واعلم أن هذا الحديث رواه عن جابرٍ عمرُو بن دينار ومحارِبُ بن دثار وأبو (١) الزبير وعبيد الله بن مقسم، فرواية عمرو للمصنف هنا عن شعبة، وفي الأدب عن سليم بن حَيان، ولمسلم عن ابن عيينة، ثلاثتُهم عنه. ورواية محارِب تأتي بعد بابين، وهي عند النسائي مقرونةً بأبي صالح، ورواية أبي الزبير عند مسلم، ورواية عبيد الله عند ابن خزيمة، وله طرق أخرى غير هذه سأذكر ما يُحتاج إليه منها معزواً. انتهى.

قوله: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) أي بُندار، ترجمته في باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهم بالموعظة كي لا ينفروا.

قوله: (قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) أي محمد بن جعفر، ترجمته في باب ظلم دون ظلم.

قوله: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَرْجِعُ، فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى العِشَاءَ، فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَكَانَ مُعَاذٌ يَنَالُ مِنْهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((فَتَّانٌ، فَتَّانٌ، فَتَّانٌ)) ثَلَاثَ مِرَارٍ - أَوْ قَالَ: ((فَاتِنًا، فَاتِنًا)) - وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ المُفَصَّلِ، قَالَ عَمْرٌو: وَلَا أَحْفَظُهُمَا)

هذه الطريقة التي رواها عن بُندار عن غُندَر عن شعبة... إلى آخره، تتمة الحديث الذي أخرجه قبلَه عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة، وقد ذكرْنا وجه تقطيعه إياه ووجه مطابقته للترجمة.

قال العيني: ذِكْرُ الطرق المختلفة في هذا الحديث إلى جابر بن عبد الله وغيرِه: روى البخاري أيضاً حديث جابر هذا في باب من شكا إمامه إذا طوَّل مِن حديث محارب بن دثار. وأخرجه مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر عن قتيبة عن الليث عن أبي الزبير عنه، وعن محمد بن رمح عن الليث بلفظ: قرأ معاذ في العشاء بالبقرة. وأخرجه مسلم ولفظه: افتتح بسورة البقرة. وفي رواية: بسورة البقرة أو النساء. على الشك. وأخرجه النسائي في الصلاة وفي التفسير عن قتيبة. وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمد بن رمح. وأخرجه السراج عن محارب بلفظ: فقرأ بالبقرة والنساء. بالواو بِلا شك.

قال شيخنا: وكذا رأيتُه بخط البِرْزالي: ((فقال عليه السلام: أَمَا يكفيكَ أن تقرأ: بالسماء والطارق، والشمسِ وضحاها، ونحوِ هذا؟)). وأخرجه عبد الله بن وهْب في مسنده أخبرنا ابن لَهِيعة والليثُ عن أبي الزبير، فذكره وفيه: طَوَّل على أصحابِه فأُخبِر النبُّي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أفتَّانٌ أنتَ؟ خَفِّفْ على الناس واقرأ: سبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، ونحوِ ذلك ولا تَشُقَّ على الناس)). وعند أحمد في «مسنده» من حديث بُريدة بإسنادٍ قوي: فَقَرَأَ: اقتربت الساعة. قال شيخنا: وهي شاذة إلا إنْ حُمِل على التعدد. انتهى. وفي «صحيح ابن حبان» مِنْ حديث سفيان عن عمرو عن جابر: أخَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم العشاءَ ذات ليلة فصلى معه معاذ ثم رجع إلينا فتقدم ليؤمَّنا فافتتح بسورة البقرة، فلما رأى ذلك رجلٌ من القوم تنحَّى وصلى وحده... ، وفيه: فأَمَرَهُ بسورٍ قصارٍ لا أحفظُها، فقلنا لعمرو: إنَّ أبا الزبير قال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((اقرأْ بالسماء والطارق، والسماءِ ذات البروج، والشمسِ


(١) كلمة: ((أبو)) ساقطة في (الأصل).

<<  <   >  >>