في الرواية الَّتي ههنا؛ لأنَّها غيرُ متَّصلةُ الإسناد بالنَّظر إلى الظَّاهر، وإن كانت في نفس الأمر متصلةَ الإسناد، وكلامُ الكِرْماني بحسب الظَّاهر وإن كان الإسناد في نفس الأمر متَّصلًا. انتهى.
قال شيخنا: لم أقل: إنَّها متَّصلةٌ لفظًا، بل هي متَّصلةٌ اصطلاحًا بدليل رواية اللَّيث، فالذي لا يُسلِّم هذا - يعني العَيني - لا يُلام؛ لأنَّه لا يدري الاصطلاح، وما زال الأئمةُ يحرصون على بيان الاتصال فيما يوهِم الإرسالَ وتسميةِ مَن أُبهم ونحو ذلك من النُّكت الحديثيَّة، وبالله التَّوفيق. انتهى.
مطابقته للترجمة في قوله:(أَنَّ جِبْرِيْلَ نَزَلَ فَصَلَّى...) إلى آخره، وهي خمسُ مرَّات، فدلَّ أنَّ الصَّلوات مؤقَّتة بخمسة أوقات، فإن قلت: الحديث لا يدلُّ إلَّا على عدد الصلوات، لأنَّه لم يذكر الأوقات. قال العَيني: وقوعُ الصَّلاة خمس مرَّات يستلزم كونَ الأوقات خمسةً، واقتصر أبو مسعود على ذكر العدد؛ لأن الوقت كان معلومًا عند المخاطبة.
هذا الحديثُ أخرجه البخاريُّ أيضًا في بدء الخلق عن قُتَيْبَة عن ليثٍ، وفي المغازي عن أبي اليمان عن شُعَيب ثلاثتُهم عن الزُّهْري عن عُرْوَة عنه به، وأخرجه مسلم في الصَّلاة عن قُتَيْبَة ومحمَّد بن رُمحٍ كلاهُما عن ليثٍ به، وعن يحيى بن يحيى عن مالك به، وأخرجه أبو داود فيه عن محمَّد بن مسلمةَ عن ابن وَهْب عن أسامة بن زيد عن الزُّهْري عن عُرْوَة عنه به، وأخرجه النَّسائي فيه عن قُتَيْبَة به، وأخرجه ابن ماجَهْ فيه عن محمَّد بن رُمحٍ به.
قوله:(أَخَّرَ الصَّلاة يَوْمًا) وفي رواية للبخاري في بدء الخلق: أخَّر العصرَ شيئًا، وقوله:(يَوْمًا) بالتنكير؛ ليدلَّ على التعليل، ومرادُه يومًا ما، لا أنَّ ذلك كان سَجيةً كما كانت ملوكُ بني أميَّة تفعل لا سيَّما العصرَ، فقد كان الوليد بن عُتْبَة يؤخِّرها في زمان عُثْمان رضي الله عنه، وكان ابنُ مسعود يُنكِر عليه، وقال عطاء: أخَّر الوليد مرَّةً الجمعةَ حتَّى أمسى، وكذا كان الحجَّاج يفعل، وسيأتي بيان ذلك قريبًا في باب تضييع الصَّلاة عن وقتها.
وفي رواية الطَّبَرَاني من طريق أبي بكر بن حَزم: أنَّ عُرْوَة حدَّث عُمَر بن عبد العزيز