للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو يومئذٍ أميرُ المدينة في زمان الوليد بن عبد الملك، وكان ذلك زمانٌ يؤخِّرون فيه الصلاة، يعني بني أميَّة، قال ابن عبد البرِّ: المرادُ إنَّه أخَّرها حتَّى خرج الوقتُ المستحبُّ، لا إنَّه أخَّرها حتَّى غربت الشمس. انتهى.

قال شيخنا: ويؤيِّده سياقُ رواية اللَّيث المتقدِّمة.

قال العَيني: أخرَّها عن الوقت المستحبِّ المرغَّب فيه، لا عن الوقت، ولا يُعتقد ذلك فيه لجلالته، وإنكارُ عُرْوَة عليه إنَّما وَقَعَ لتركه الوقتَ الفاضلَ الذي صلَّى فيه جبريلُ عليه السلام.

فإن قلت: روى الطَّبَرَاني من طريق يزيد بن أبي حبيبٍ عن أسامةَ بن زيد اللَّيثيِّ عن ابن شهاب في هذا الحديث قال: دعا المؤذنُ لصلاة العصر، فأمسى عُمَر بن عبد العزيز قبل أن يصلِّيها. أجيب بأنَّ معناه: قارَب المساءَ. لا إنَّه دخل فيه.

قال شيخنا: وقد رجع عُمَر بن عبد العزيز عن ذلك، فروى الأوزاعي عن عاصم بن رجاء بن حَيوَة عن أبيه: أنَّ عُمَر بن عبد العزيز - يعني في خلافته - كان يصلِّي الظُّهر في السَّاعة الثامنة، والعصرَ في السَّاعة العاشرة حين تدخل.

قوله: (أَنَّ المُغِيْرَةَ بنَ شُعْبَة أَخَّرَ الصَّلاة يَومًا) بيَّن عبدُ الرزَّاق في روايته عن ابن جُرَيج عن ابن شِهَاب: أنَّ الصَّلاة المذكورة العصرُ أيضًا، ولفظه: ((مَسَّى المغيرةُ بنُ شُعْبَة بصلاةِ العصرِ)).

قوله: (وَهُوَ بِالعِرَاقِ) جملةُ اسميَّة وقعت حالًا عن المغيرة، وأراد به عراقَ العرب، وهو من عبَّادان إلى الموصل طولًا، ومن القادسيَّة إلى حُلوان عرضًا، وفي رواية القَعنَبي وغيره عن مالك في الموطأ: وهو بالكوفة. وكذا أخرجه الإسماعيلي عن أبي خليفة عن القَعْنَبي، والكوفةُ من جملة عراق العرب، فالتعبير بها أخصُّ من التعبير بالعراق، وكان المغيرة إذ ذاك أميرًا عليها من قِبل معاويةَ بن أبي سفيان.

قوله: (مَا هَذَا) أي التأخير.

قوله: (أَلَيْسَ) الرواية وقعت كذا (أَلَيْسَ) وكأنَّ مقتضى الكلام: (أَلَيْسَتْ) بالخطاب، قال القُشَيري: قال بعض فضلاء الأدب: كذا الرواية، وهي جائزة، إلَّا أنَّ المشهور في الاستعمال (أليست) يعني بالخطاب.

وقال عياض: يدلُّ ظاهر قوله: (قَدْ عَلِمْتَ) على علم المغيرة بذلك، ويحتمل أن يكون ذلك على سبيل الظنِّ من أبي مسعود؛ لعلمه بصحبة المغيرة. قال العَيني: لأجل ذلك ذكره بلفظ الاستفهام في قوله: (أَلَيْسَ) ولكن يؤيِّد الوجه الأوَّل رواية شُعَيب عن ابن شهاب عند البخاري أيضًا في غزوة بدر بلفظ: فقال: (لَقَدْ عَلِمْتَ) بغير حرف الاستفهام، ونحوُه عن عبد الرزَّاق عن مَعْمَر وابن جُرَيج جميعًا.

قوله: (أَنَّ جِبْرِيْلَ نَزَلَ) قلت: قد قدَّمنا الكلام على جبريل عليه السَّلام مستقصىً في كتاب الوحي. انتهى. بيَّن ابن إِسْحاق في المغازي: أنَّ ذلك كان صبيحة اللَّيلة الَّتي فرضت فيها الصلاة، وهي ليلة الإسراء.

قال شيخنا: قال ابن إسحاق: حدَّثني عُقْبَة بن مسلم عن نافع بن جُبَير، وقال عبد الرزَّاق: عن ابن جُرَيج قال: قال نافع بن جُبَير وغيره: ((لما أَصبحَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم منَ الليلةِ الَّتي أُسريَ بِهِ لم يرُعْهُ إلَّا جبريلُ نزلَ حِينَ زاغَتِ الشَّمس - ولذلك سمِّيت الأولى؛ أي صلاة الظُّهر - فأمرَ

<<  <   >  >>