للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيستتر بشجرة ونحوها. فإن قلت: الحربة المذكورة هل لها حدٌّ في الطول؟ وما المعتبر في طول السترة؟

قال العَيني: قال أصحابنا: أي الحنفيَّة مقدارها ذراع فصاعدًا. وأخذوا ذلك بحديث طلحة بن عُبَيْد الله قال: (قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إذا جعلْتَ بينَ يديكَ مثل مؤخرةِ الرحلِ فلا يضرُّكَ مَنْ يَمُرُّ بينَ يديكَ) رواه مسلم، وذكر شيخ الإسلام في «مبسوطه» من حديث أبي جُحَيفة الآتي ذكره أنَّ مقدار العَنَزَة طول ذراع في غلظ إصبع، ويؤيِّد هذا قول ابن مسعود: يجزئ من السترة السهم، وفي «الذخيرة» : طول السهم ذراع وعرضه قدر إصبع، قال: واختلف مشايخنا أي الحنفيَّة فيما إذا كانت السترة أقلَّ من ذراع، وقال شيخ الإسلام: لو وضع قناة أو جعبة بين يديه وارتفع قدر ذراع كانت سترة بلا خلاف، وإن كانت دونه ففيه خلاف، وفي غريب الرواية: النهر الكبير ليس بسترة كالطريق، وكذا الحوض الكبير، وقالت المالكيَّة: تجوز القلنسوة العالية والوسادة بخلاف السوط، وجوَّز في «العُتْبِيَّة» التستر بالحيوان الطاهر بخلاف الخيل والبغال والحمير، وجوَّز بظهر الرجل ومنع بوجهه، وتردد في جنبه، ومنع بالمرأة، واختلفوا في المحارم، ولا يتستر بنائم ولا مجنون ومأبون في دبره ولا كافر انتهى كلامهم.

قلت: الذي قاله الشافعيَّة اتفقوا على أنَّه يستحبُّ أن يكون بين يدي المصلِّي سترة كحائط ونحوه. وحكمتها كفُّ البصر عمَّا ورائها، ومنع من يجتاز بين يديه. ويسنُّ أن لا يزيد ما بينه وبينها على ثلاثة أذرع، فإن لم يكن حائط غرز عصا ونحوها، أو جمع متاعه أو رحله، ويكون ارتفاع العصى ونحوها ثلثي ذراع، وهي قدر مؤخِّرة الرحل بحديث مسلم أي المتقدِّم، وقيل قدر ذراع اليد ولا ضابط لعرضها لقوله عليه السلام: ((اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ)) رواه الحاكم.

قال في «البُوَيطي» : ولا يستتر بامرأة ولا دابَّة. وفي الصَّحيحين: ((أنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ كَانَ يصلِّي إلى رَاحِلَتِهِ)). وكان ابن عُمَر يفعله، وقد أوصى الشَّافعي بالعمل بالحديث الصحيح قال الدَّمِيري: وهذا منه فهو مذهبه فإن لم يجد ساترًا استُحبَّ أن يخطَّ خطًّا لقوله عليه السَّلام إذا صلَّى أحدكم فليجعل أمام وجهه شيئًا فإن لم يجد فليخطَّ خطَّا ثمَّ لا يضرُّه ما مرَّ أمامه رواه أبو داود بسند يعمل به في فضائل الأعمال وهذا منها. واختُلِفَ في صورة الخطِّ: فقيل: مقوس كالهلال، وقيل: بالطول من قدمه إلى القبلة وهو الأصحُّ، وقيل: من اليمين إلى الشِّمال، والاكتفاء بالخطِّ هو الأصحُّ.

وحكمه حكم الشاخص في منع المرور وجواز الدفع، وقيل: إنَّ الشَّافعي خطَّ عليه في الجديد.

وعبارة النَّوَوي في «المنهاج»

<<  <   >  >>