بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا). وزاد ابن ماجَهْ وابن خُزَيمَة والإسماعيلي وذلك أنَّ المصلَّى كان فضاء ليس فيه شيء يستره.
قوله:(والنَّاسُ) بالرفع عطفًا على فاعل (فيُصَلِّي وَرَاءَهُ) منصوب على الظرفيَّة.
قوله:(وكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي الأمر بالحربة والوضع بين يديه والصلاة إليها لم يكن مختصًّا بيوم العيد.
قوله:(فَمِنْ ثَمَّ) -بفتح الثَّاء المثلَّثة- أي فمن أجل ذلك اتَّخذ الحربة الأمراء؛ وهو الرمح العريض النصل، يخرج بها بين أيديهم في العيد ونحوه. وهذه الجملة أعني قوله:(فَمِنْ ثمَّ اتخَذَهَا الأُمَراءُ) من كلام نافع كما أخرجه ابن ماجَهْ بدون هذه الجملة فقال: حدَّثنا محمَّد بن الصبَّاح أنبأنا عبد الله بن رجاء المكَّي عن عُبَيْد الله عن نافع عن ابن عُمَر قال: ((كَانَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم تُخْرَجُ لَهُ حَرْبَةٌ فِي السَّفَرِ، فَيَنْصِبُهَا، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا)). قال شيخنا: وهذه الجملة الأخيرة فصلها علي بن مُسْهِر من حديث ابن عُمَر فجعلها من كلام نافع كما أخرجه ابن ماجه، وأوضحته في كتاب «المدرج» والضمير في (اتَخَذَهَا) يعود إلى الحربة نفسها، أو إلى جنس الحربة. وقد روى عُمَر بن أبي شَبَّة في «أخبار المدينة» في حديث سعد القَرَظ أنَّ النجاشيَّ أهدى إلى النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حربة فأمسكها بنفسه فهي الَّتي يمشى بها مع الإمام يوم العيد.
ومن طريق اللَّيث أنَّه بلغه أنَّ العَنَزَةَ الَّتي كانت بين يدي النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم كانت لرجل من المشركين قتله الزُّبَيْر بن العوَّام يوم أُحد فأخذها منه النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فكان ينصبها بين يديه إذا صلَّى، ويحتمل الجمع بأنَّ عَنَزَةَ الزُّبَيْر كانت أوَّلًا قبل حربة النجاشيِّ. انتهى.
فيه الاحتياط وأخذ آلة تدفع الأعداء لاسيِّما في السفر، وفيه جواز الاستخدام وأمر الخادم، وفيه أنَّ سترة الإمام سترة لمن خلفه. وادَّعى بعضهم فيه الإجماع نقله ابن بطَّال قال: السترة عند العلماء سنَّة مندوب إليها، وقال الأبهريُّ: سترة المأموم سترة إمامه فلا يضرُّ المرور بين يديه لأنَّ المأموم تعلَّقت صلاته بصلاة إمامه، قال: ولا خلاف أنَّ السترة مشروعة إذا كان في موضع لا يأمن المرور بين يديه وفي الأمن قولان عند مالك، وعند الشَّافعي مشروعة مطلقًا لعموم الأحاديث ولأنَّها تصون البصر، فإن كان في الفضاء فهل يصلِّي إلى غير سترة؟ أجازه ابن القاسم لحديث ابن عبَّاس المذكور وقال مطرف وابن الماجشون: لا بدَّ من سترة، وذكر عن عُرْوَة وعطاء وسالم والقاسم والشعبيِّ والحسن أنَّهم كانوا يصلُّون في الفضاء إلى غير سترة. قال العَيني: قال محمَّد: يستحبُّ لمن يصلِّي في الصحراء أن يكون بين يديه شيء مثل عصا ونحوها فإن لم يجد