للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: ٨] في آي كثير؟! فلو كانت الطهارة والصَّلوات وأعمال البرِّ مكفِّرة لما احتاج إلى التَّوبة، وكذلك الكلام في الصَّوم والصدقة والأمر والنَّهي، فإن المعنى: إنَّها تكفِّر إذا اجتنبت الكبائر.

قوله: (وَالأَمْرُ) أي الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر كما صرَّح به في الزكاة، وتقدَّم هذا عن قريب، فإن قلت: ما النُّكتة في تعيين هذه الأشياء الخمسة؟ قال العَيني: الحقوق لما كانت في الأبدان والأموال والأقوال فذكر من أفعال الأبدان أعلاها وهو الصَّلاة والصَّوم، قال الله تعالى: {وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ} [البقرة: ٤٥]، وذكر من حقوق الأموال أعلاها وهي الصَّدقة، ومن الأقوال أعلاها وهي الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.

قوله: (تَمُوْجُ) من ماج البحر، أي تضطرب ويدفع بعضها بعضًا لعظمها، وكلمة ما في (كَمَا تَمُوْجُ) مصدريَّة، أي كموج البحر، وهو تشبيه بليغ.

قوله: (قَالَ) أي قال حُذَيفة.

قوله: (بَأْسَ) أي شِدَّة.

قوله: (لَبَابًا) ويروى: ((بَابًا)) بدون اللَّام.

قوله: (مُغْلَقًا) صفة الباب، قال ثعلب في «الفصيح» : أغلقت الباب فهو مغلق، وقال ابن دُرُسْتويه: العامَّة تقول: غلَّقت بغير ألف وهو خطأ، وذكره أبو علي الدِّيْنَوَرِيُّ في باب ما يحذف منه العامَّة الألف، وقال ابن سيده في «العَويص» والجوهري في «الصَّحاح» : غَلَقت، قال الجَوهَري: وهي لغة متروكة رديئة. وقال ابن هشام في شرحه: الأفصح غلَّقت بالتشديد، قال الله تعالى: {وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ} [يوسف: ٢٣]، قال العَيني: وفيه؛ لأنَّ غلَّقت مشدَّدة للتكثير، قاله الجَوهَري وغيره، وفي «المحكم» : غلق الباب وأغلقه وغلَّقه، الأولى من ابن دُرَيد عزاها إلى أبي زيد وهي نادرة.

والمقصود من هذا الكلام: أنَّ تلك الفتن لا يخرج منها شيء في حياتك.

قوله: (قَالَ: أَيُكْسَرُ) أي قال عُمَر رضي الله عنه: أيكسر هذا الباب أم يفتح؟

قوله: (قَالَ: يُكْسَرُ) أي قال حُذَيفة: يكسر.

قوله: (قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقُ أَبَدًا) أي قال عُمَر رضي الله عنه: إذن لا يُغلق أبدًا هذا الباب، وإذن هو جواب وجزاء، أي إن انكسر لا يغلق أبدًا؛ لأنَّ المكسور لا يعاد بخلاف المفتوح، والكسر لا يكون غالبًا إلَّا عن إكراه وغلبة وخلاف عادةٍ.

ولفظ: (لَا يُغْلَقُ) رُوي مرفوعًا ومنصوبًا، وجه الرَّفع أن يقال: إنَّه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: الباب إذًا لا يُغلق، ووجه النَّصب: ألَّا يقدر ذلك، فلا يكون ما بعده معتمدًا على ما قبله، والحاصل: إنَّه فعل مستقبل منصوب بإذًا، وإذا عملَ النَّصب في الفعل المستقبل لعدم ثلاثة أشياء، وهي: أن يعتمد ما قبلها على ما بعدها، وأن يكون الفعل فعل حال، وألَّا يكون معها واو العطف، وهذه الثلاثة معدومة في النَّصب.

قوله: (قُلْنَا) هو مقول شَقيق.

قوله: (كَمَا أَنَّ دُوْنَ الغَدِ اللَّيْلَةَ) أي كما يعلم أنَّ الغد أبعدُ فينا من اللَّيلة، يقال: هو دون ذاك، أي أقرب منه.

قوله: (إِنِّي حَدَّثْتُهُ) مقول حُذَيفة.

قوله: (لَيْسَ بِالأَغَالِيْطِ) جمع أغلوطة، وهي: ما يغالط بها، قال النَّوَوي: معناه: حدَّثته حديثًا صدقًا محقَّقًا من أحاديث رسول الله صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم لا من اجتهاده، أي ونحوه، وغرضه: أنَّ ذلك الباب رجل يقتل أو يموت كما جاء في بعض الروايات، قال: ويحتمل أن يكون حُذَيفة

<<  <   >  >>