للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن إيقاعها آخر الوقت. وأجيب: بأنَّ المشاركة إنَّما هي بالنسبة إلى الصَّلاة وغيرها من الأعمال، فإن وقعت الصَّلاة في وقتها كانت أحبَّ إلى الله تعالى من غيرها من الأعمال، فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور كالنَّائم والناسي؛ فإن إخراجه لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم، ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال مع كونه محبوبًا، لكن إيقاعها في الوقت أحبُّ.

وقال العَيني: الذي يدلُّ ظاهر اللَّفظ أنَّ الصَّلاة مشاركة لغيرها من الأعمال في المحبَّة، فإذا وقعت الصَّلاة في وقتها كانت أحبَّ إلى الله من غيرها، فيكون الاحتراز عن وقوعها خارج الوقت.

فإن قلت: روى التِّرْمِذي من حديث ابن عُمَر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الوقت الأوَّل من الصَّلاة رضوان الله، والوقت الأخير عفو الله))، والعفو لا يكون إلَّا عند التقصير. قال العَيني: قال ابن حبَّان لمَّا رواه في «كتاب الضعفاء» : تفرَّد به يعقوب بن الوليد، وكان يضع الحديث. وقال أبو حاتم الرازي: هو موضوع. وقال الميموني: سمعت أبا عبد الله يقول: لا أعرف شيئًا ثبت في أوقات الصَّلاة أوَّلها كذا وأوسطها كذا، يعني مغفرة ورضوانًا. انتهى.

قلت: لكن الحديث الذي أخرجه ابن خُزَيمَة في «صحيحه» عن بُندار يدلُّ على أنَّ الصَّلاة في أوَّل وقتها أفضل، وقال علماؤنا: ويسنُّ تعجيل الصَّلاة لأوَّل وقتها، ولا شكَّ أنَّ تارك السنَّة مقصِّر، ولم يزل الصالحون مثابرين على إقامة الصَّلاة في أوَّل الوقت، ولا يخفى أنَّ من قام بالمأمور به عند أوَّل وقتٍ من تعلَّق الخطاب به أحبُّ إلى الآمر ممن يتراخى في القيام به؛ لأنَّ الأوَّل يدلُّ على شدَّة محبَّته للآمر وحرِصه على القيام بحقِّه ونشاطِه، وإن كان التراخي لا يدلُّ على عدم هذه الأشياء غير أنَّ الأوَّل دلَّ فعلُه على هذا. انتهى.

وفيه تعظيم الوالدين وبيان فضله، ويجب الإحسان إليهما ولو كانا كافرين.

وفيه السؤال عن مسائل شتَّى في وقت واحد، وجواز تكرير السؤال.

وفيه الرِّفق بالعالم والتوقُّف عن الإكثار عليه خشية مَلاله.

وفيه ما كان هو عليه السَّلام من إرشاد المسترشد ولو شقَّ عليه صلَّى الله عليه وسلَّم.

وفيه أنَّ الإشارة تنزل منزلة التصريح إذا كانت معيِّنة للمشار إليه مميزةً له على غيره، ألَّا ترى أنَّ الأخرس إذا طلَّق امرأته بالإشارة المفهمة يقع طلاقه بحسب الإشارة وكذا سائر تصرفاته؟!

وقال ابن بَزيزَة: الذي يقتضيه النظر تقديم الجهاد على جميع أعمال البدن؛ لأنَّ فيه بذل النفس، إلَّا أنَّ الصبر على المحافظة على الصَّلوات وأدائها في أوقاتها والمحافظة على برِّ الوالدين أمر لازم متكرر دائم لا يصبر على مراقبته أمر الله فيه إلَّا الصدِّيقون، والله أعلم.

قلت: وفي الحديث أنَّ طالب العلم يبدأ في تعلمه من العلم بما يدلُّ على أفضل الأعمال عند الله، فإن قلت: فعلى هذا تكون البداءة بالعلم المتعلِّق بذات الله وصفاته؟ قلت: هو كذلك، ولكن لما علم عليه السَّلام أنَّ السائل عنده ذلك أجابه بمراده. فإن قلت: هل لعلم التوحيد عمل؟ قلت: علمُه عملُه وعملُه علمُه إذا قلنا: إنَّ اعتقاد القلب كان في ذلك دون النطق باللسان، فإن قلنا:

<<  <   >  >>