للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصطلحات معان صحيحة. قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة كمخاطبة العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعُرفهم فإنَّ هذا جائزٌ حسن للحاجة، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتاجوا إليه» (١)، وقد استخدم شيخ الإسلام هذه الطريقة في مخاطبته مع الفلاسفة وغيرهم من أصحاب المصطلحات الحادثة، كما تجد ذلك مبثوثاً في مناظراته، وبين شيخ الإسلام أهمية ذلك عند الحاجة فقال: «ولا ريب أن الألفاظ في المخاطبات تكون بحسب الحاجات كالسلاح في المحاربات. فإذا كان عدو المسلمين -في تحصنهم وتسلحهم-على صفة غير الصفة التي كانت عليها فارس والروم: كان جهادهم بحسب ما توجبه الشريعة التي مبناها على تحري ما هو لله أطوع وللعبد أنفع وهو الأصلح في الدنيا والآخرة. وقد يكون الخبير بحروبهم أقدر على حربهم ممن ليس كذلك لا لفضل قوته وشجاعته ولكن لمجانسته لهم كما يكون الأعجمي المتشبه بالعرب - وهم خيار العجم - أعلم بمخاطبة قومه الأعاجم من العربي وكما كون العربي المتشبه بالعجم - وهم أدنى العرب - أعلم بمخاطبة العرب من العجمي» (٢).

أثر منهج شيخ الإسلام في نتائج المناظرات:

لقد كان لمنهج شيخ الإسلام الذي اتبعه في محاورة ومناظرة مخالفيه وخصومه، عظيم الأثر في نتائج مناظراته، فالمتأمل في مناظرات شيخ الإسلام يجد لمناظراته كبير النفع والفائدة لمن ناظرهم، ولغيرهم ممن حضر هذه المناظرة أو قرأها أو نُقلت إليه وسمعها، فلم تكن مناظراته كحال كثير من المناظرات السقيمة التي تنتهي للسفسطة والجدل العقيم، ويخرج منها أطرافها بدون أي ثمرة


(١) الفتاوى الكبرى (١/ ١٣٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٤/ ١٠٧).

<<  <   >  >>