للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيكون الذي حل في المسيح إنما هو آثار حكمة الإله وعلمه وقدرته وعلى هذا فلا يكون للمسيح اختصاص بذلك، بل هذا مشترك بينه وبين غيره من الأنبياء، بل وعموم الخلق كلهم (١).

وهذا هو معنى قول شيخ الإسلام: «فإذا كنتم تشبهون المخلوق بالشعاع الذي للشمس والنار، والخالق بالنار والشمس، فلا فرق في هذا بين المسيح وغيره، فإن كل ما سوى الله -على هذا- هو بمنزلة الشعاع والضوء فما الفرق بين المسيح وبين إبراهيم وموسى؟ بل ما الفرق بينه وبين سائر المخلوقات على هذا؟» (٢).

ثالثاً: أنكم تقولون الإله (لا يتبعض ولا يتجزأ) وهذا مناقض لما ذكرتم من التشبيه بشعاع الشمس؛ لأن شعاع الشمس متجزئ متبعض فالشعاع قائم بالأرض والهواء وكل منهما متجزئ متبعض وما قام بالمتبعض فهو متبعض فإن الحال يتبع المحل وذلك يستلزم التبعض والتجزؤ فيما قام به، وهذا يناقض قولكم السابق (٣) ..

رابعاً: قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «إن الشمس نفسها لم تحل في الأرض ولا النور الذي قام بها فارقها وانتقل إلى الأرض ولكن إذا قابلتها الأجسام انعكس عليها شعاعها فالشعاع الحاصل على الأرض ليس هو عين ما قام بالشمس، بل حدث بسبب المقابلة، كما أن السراج إذا كان في البيت حصل على الارض والحيطان والسقف نور ينعكس من شعاع السراج ونفس النار الخارجة من السراج لم ينفصل منها شيء ولا قامت صفتها بغيرها، وتلك النار عين قائمة بنفسها والضوء الذي على الحيطان صفة وعرض وكذلك الشعاع الذي على الأرض صفة من الصفات وعرض من الأعراض» (٤).


(١) انظر: الجواب الصحيح (٢/ ١٣٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٤٦).
(٣) انظر: الجواب الصحيح (٣/ ٣٠٠).
(٤) تحقيق القول في مسألة عيسى كلمة الله والقرآن كلام الله (ص ٤٢).

<<  <   >  >>