للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادساً: قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «بل أبلغ من ذلك، أن الجني إذا دخل في الإنسي وصرعه وتكلم على لسانه، فإن الإنسي يتغير، حتى يبقى الصوت والكلام الذي يسمع منه، ليس هو صوته وكلامه المعروف.

وإذا ضرب بدن الإنسي، فإن الجني يتألم بالضرب ويصيح ويصرخ، ويخرج من ألم الضرب، كما قد جرب الناس من ذلك ما لا يحصى، ونحن قد فعلنا من ذلك ما يطول وصفه.

فإذا كان الجني تتغير صفاته وأحواله لحلوله في الإنسي، فكيف بنفس الإنسان؟

وعندهم اتحاد اللاهوت بالناسوت أتم وأكمل من اتحاد النفس بالجسد.

فهل يقول عاقل -مع هذا الاتحاد-: إنهما جوهران، لكل منهما أفعال اختيارية، لا يشركه الآخر فيها.

ويقولون -مع قولهم بالاتحاد-: إن الذي كان يصلي ويصوم، ويدعو ويتضرع، ويتكلم ويتألم، ويضرب ويصلب، هو نظير البدن! والذي كان يأمر وينهى، ويخلق ويرزق، هو نظير النفس!» (١).

وبهذا يتبين فساد هذه الشبهة التي ذكروها لتمرير باطلهم، وتبرير ضلالهم، والاحتجاج على مذهبهم الفاسد.

* * *


(١) المصدر السابق (٤/ ٣٦٣).

<<  <   >  >>