للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الدعاء مستغيثاً به» (١).

فبين رحمه الله أن أصل هذه الشبهة عندهم هو عدم التفريق بين التوسل وبين الدعاء والاستغاثة، فهما عندهم بمعنى واحد لا فرق بينهما.

بل نستطيع التعبير عن حقيقة مذهبهم بصورة أوضح وذلك بأن نقول: إنهم يجعلون عبادة غير الله والشرك به بمعنى التوسل.

وقد اتضح من كلام هذا النصراني هذا الأمر حيث سمى ما يقعون فيه من شرك وعكوف على التماثيل والقبور وعبادتها والاستغاثة بها، سماه توسلاً ليس إلا.

ولنستعرض أيضاً كلام بعض القبوريين في هذه الشبهة بعينها، ليتضح الأمر ويزول الإشكال، ويظهر بوضوح سبب غلطهم في هذا الباب العظيم ووجه تلبيس الشيطان عليهم.

قال أحمد زيني دحلان (٢): «فالتوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى واحد، وليس لها في قلوب المؤمنين معنى إلا التبرك بذكر أحباء الله تعالى» (٣).

وقد قرر هذا قبله جمع منهم تقي الدين السبكي (٤) فقال: «فلا فرق بين أن يعبر بلفظ الاستغاثة، أو التوسل، أو التشفع، أو التجوه، أو التوجه .. » (٥).


(١) المصدر السابق (٢/ ٤٧٨).
(٢) هو أحمد زيني دحلان المكي الشافعي، ممن ناصب العداء لدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، وله مصنفات منها: الدرر السنية في الرد على الوهابية وغيرها، توفي سنة: ١٣٠٤ هـ. انظر: هدية العارفين (١/ ١٩١) والأعلام للزركلي (١/ ١٢٩) ومعجم المؤلفين (١/ ٢٢٩).
(٣) الدرر السنية في الرد على الوهابية (ص:٣٨).
(٤) هو أبو الحسن تقي الدين على بن عبد الكافي السبكي الشافعي، له مصنفات منها: الفتاوى الكبرى، والابتهاج في شرح المنهاج، شفاء السقام، وكان ممن ناصب العداء لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، توفي سنة: ٧٥٦ هـ. انظر: الدرر الكامنة (١/ ٣٦٥)، والبدر الطالع (١/ ٤٤٦).
(٥) شفاء السقام (ص: ٣٦٣).

<<  <   >  >>