للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامي ولاقت الرواج والشهرة فيه، كانوا مشركين يعبدون الأصنام والكواكب ويبنون لها هياكل في الأرض، ويصورون لها أصناماً، ويجعلون لها طلاسم، ويتقربون لها بأنواع العبادات (١).

وقد ظهر هذا حتى على الفلاسفة المنتسبين للإسلام كابن سينا والفارابي وغيرهم، فإنهم كانوا يسوغون الشرك ويجيزونه، بل حتى متصوفة الفلاسفة كابن عربي وابن سبعين وغيرهم يجوزون أن يكون الرجل يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً، ويجوزون له التمسك بأي ناموس كان ولا يوجبون اتباع نبي بعينه كما قد سبق بيانه (٢).

بل قد وصل الحال ببعض المتفلسفة المنتسبين إلى الإسلام إلى تصنيف مصنفات في الإشراك بالله وعبادة الكواكب والأصنام، وذكروا ما في ذلك من الفوائد وتحصيل المقاصد على حد زعمهم (٣).

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وقد رأيت من مصنفاتهم في عبادة الكواكب والملائكة وعبادة الأنفس المفارقة -أنفس الأنبياء وغيرهم- ما هو أصل الشرك. وهم إذا ادعوا التوحيد فإنما توحيدهم بالقول، لا بالعبادة والعمل. والتوحيد الذي جاءت به الرسل لا بد فيه من التوحيد بإخلاص الدين لله. وعبادته وحده لا شريك له، وهذا شيء لا يعرفونه، والتوحيد الذي يدعونه: إنما هو تعطيل حقائق الأسماء والصفات وفيه من الكفر والضلال ما هو من أعظم أسباب الإشراك، فلو كانوا موحدين بالقول والكلام -وهو أن يصفوا الله بما وصفته به رسله- لكان معهم التوحيد دون العمل، وذلك لا يكفي في السعادة والنجاة بل لا بد من أن يعبد الله وحده ويتخذ إلها؛ دون ما سواه، وهو معنى قول: (لا إله إلا الله) فكيف وهم في القول والكلام معطلون جاحدون؛ لا موحدون


(١) انظر: المصدر السابق (٩/ ١٧٥)، (١٧/ ٣٣١)، والرد على المنطقيين (ص: ٣٣٧).
(٢) انظر الرد على المنطقيين (ص: ٢٨٢).
(٣) انظر: بيان تلبيس الجهمية (١/ ٤٨١).

<<  <   >  >>