للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أن شيخ الإسلام -رحمه الله- قد بين في مناظرته لهم بطلان هذه الدعوى واستحالتها وقد اشتمل جوابه لهم على ثلاثة أمور:

الأول: احتجاجه بالأحاديث الصحيحة الواردة في نزول عيسى -عليه السلام- على فساد دعواهم أن ابن هود هو المسيح، فإن الأوصاف التي جاءت فيها لا تنطبق على ابن هود، قال -رحمه الله-: «حتى بينت لهم فساد دعواهم بالأحاديث الصحيحة الواردة في نزول عيسى بن مريم، وأن ذلك الوصف لا ينطبق على هذا» (١)، ومن تلك الأوصاف التي جاءت في الاحاديث الصحيحة، (كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل) (٢)، وأنه (رجل مربوع إلى الحمرة والبياض) (٣)، وأما ابن هود فقال الذهبي: «وكان أشقر، أزرق» (٤)،

والمسيح -عليه السلام-، إنما ينزل فجأة عند المنارة البيضاء شرقي دمشق في صلاة الصبح، ويقتل المسيح الدجال (٥)، وتحدث قبل نزوله أحداث كثيرة، لا تصدق على حال ابن هود وزمنه.

الثاني: حلف لهم شيخ الإسلام أن ما ينتظرونه على يد ابن هود -ظنا منهم أنه هو المسيح- لا يتم بحال ولا يكون.

الثالث: طلب منهم المباهلة على هذا إن لم يصدقوه.

وقد أبر الله يمين شيخ الإسلام فكشف لهم بطلان دعواهم في هذا الرجل، ولم يحدث لهم شيء مما كانوا يتوقعون، ولا وقع لهم شيء مما كانوا يرجون ويؤملون، فظهر الحق وبطل ما كانوا يعتقدون.

* * *


(١) بغية المرتاد (ص:٢٦).
(٢) رواه أحمد (٩٢٧٠) وأبو داود (٤٣٢٤)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٥٣٨٦).
(٣) رواه البخاري باب إذا قال أحدك آمين (٣٢٣٩) ومسلم كتاب الإيمان (١٦٥).
(٤) تاريخ الإسلام (٥٢/ ٤٠٠).
(٥) الحديث رواه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة (٢٩٣٧).

<<  <   >  >>