للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصل كثير من أهل النظر والكلام في أصول الدين والعلوم الإلهية، ومن أهل العبادة والزهد والفقراء والصوفية. وأما اشتباه ذلك على عموم الناس، ومن شدا طرفاً من العلم (١)، أو كان له حظ من العبادة، فأعظم من أن يوصف، والله سبحانه بعث رسوله وأنزل كتابه لبيان الفرق بين هذا وهذا، وختمهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم- أفضل رسول بعثه بأفضل كتاب إلى أفضل أمة بأفضل شريعة، فرق الله به بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد، وأولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وجند الله المفلحين وحزب إبليس اللعين" (٢).

وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أن هؤلاء الذين تظهر على أيديهم مثل هذه الخوارق هم أحد صنفين، إما أهل حال شيطاني أو مُحال بهتاني، فإما أنهم ممن يستعينون بالجن والشياطين لعمل مثل هذه الخوارق وهم أهل الحال الشيطاني وهم خواص هؤلاء القوم، وإما أنهم يعتمدون في مخاريقهم على الحيل والخداع والكذب والتلبيس، وهم أهل الحال البهتاني، وهم جمهور أهل هذه الطائفة وأكثرهم، قال رحمه الله: «وكل من أظهر هذه الإشارات البدعية التي هي فشارات، مثل إشارة الدم واللاذن والسكر وماء الورد والحية والنار، فهم أهل باطل وضلال وكذب ومحال، مستحقون التعزير البليغ والنكال، وهم إما صاحب حال شيطاني، وإما صاحب حال بهتاني، فهؤلاء جمهورهم، وأولئك خواصهم» (٣). وقال رحمه الله: «وهؤلاء إذا أظهر أحدهم شيئا خارقًا للعادة لم يخرج عن أن يكون حالاً شيطانيًا أو حالاً بهتانياً فخواصهم تقترن بهم الشياطين كما يقع لبعض العقلاء منهم وقد يحصل ذلك لغير هؤلاء، لكن لا تقترن بهم الشياطين إلا مع نوع من البدعة: إما كفر، وإما فسق، وإما جهل بالشرع؛ فإن الشيطان قصده إغواء (٤) بحسب قدرته


(١) قال في تهذيب اللغة (١١/ ٢٧١): «والشادي: الذي تعلم شيئا من العلم».
(٢) جامع المسائل (١/ ٩٥ - ٩٦).
(٣) المصدر السابق (٣/ ١٥٣).
(٤) كذا ولعل الصواب (إغواؤهم).

<<  <   >  >>