للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليهود (١) ومناظرته مع ابن صياد (٢) وغير ذلك.

وأما فعل الصحابة والسلف فهو أكثر من أن يحصر، ومن أشهرها مناظرة ابن عباس للخوارج (٣)، ومناظرات الإمام أحمد للجهمية (٤)، قال ابن حزم -رحمه الله-: «وقد تحاج المهاجرون والأنصار وسائر الصحابة -رضوان الله عليهم- وحاجَّ ابن عباس الخوارج بأمر علي -رضي الله عنه- وما أنكر قط أحد من الصحابة الجدال في طلب الحق» (٥). وقال صاحب كتاب "تنبيه الرجل العاقل إلى تمويه الجدل الباطل" (٦)،، مبيناً ما جاء من حض الشرع للمؤمنين على الجدل المحمود: «وحضهم على المناظرة والمشاورة لاستخراج الصواب في الدنيا والآخرة حيث يقول لمن رضي دينهم: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى:٣٨]، كما أمرهم بالمجادلة والمقاتلة لمن عدل عن السبيل العادلة حيث يقول آمرا وناهيا لنبيه والمؤمنين لبيان ما يرضاه منه ومنهم {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥]، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت:٤٦]، فكان أئمة الإسلام ممتثلين لأمر المليك العلام يجادلون أهل الأهواء المضلة حتى يردوهم إلى سواء الملة كمجادلة ابن عباس- رضي الله عنهما- للخوارج المارقين حتى رجع كثير منهم إلى ما خرج عنه من الدين وكمناظرة كثير من السلف الأولين لصنوف المبتدعة الماضين ومن في قلبه ريب يخالف اليقين حتى هدى الله من شاء من البشر وعلن


(١) رواها أحمد في مسنده (٢٤٨٣) وعبد الرزاق في تفسيره (٤٣١) وابن أبي حاتم في تفسيره (١٨٥) وسعيد بن منصور في سننه (١٦٨٣) والطبراني في الكبير (١٢٤٢٩) من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- وحسنها الألباني في الصحيحة (١٨٧٢).
(٢) رواه البخاري في كتاب الجهاد كيف يُعرض الإسلام على الصبي (٣٠٥٥) ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة (٢٩٣٠).
(٣) رواها أحمد في مسنده (٣١٨٧) وأبو داود (٤٠٧٣) والنسائي في الكبرى (٨٥٢٢) وحسنها الألباني في صحيح وضعيف أبي داود (٤٠٣٧).
(٤) انظر: المحنة على الإمام أحمد (٥١، ٥٣، ٥٥ - ٦٠، ٩٩).
(٥) الإحكام في أصول الإحكام (١/ ٣٠).
(٦) ينسب هذا الكتاب إلى شيخ الإسلام رحمه الله في ثبوته له نظر كبير.

<<  <   >  >>