للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الشيخ أحمد بن الرفاعي، واليونسية (١) فيما يأتونه من المحرمات ويتركونه من الواجبات، أو يعرف منه أنه يتواجد ويتساكر في وجده ليظن به خيراً، ويرفع عنه الملام فيما يقع من الأمور المنكرة، أو يعرف منه أن الحق قد تبين له وأنه متبع لهواه، أو يعرف منه تجويز الانحراف عن موجب الشريعة المحمدية وأنه قد يتفوه بما يخالفها وأن من الرجال من قد يستغني عن الرسول أو له أن يخالفه أو أن يجري مع القدر المحض المخالف للدين .. أو يسوغ لأحد بعد محمد الخروج عن شريعته كما ساغ للخضر الخروج عن أمر موسى، فإنه لم يكن مبعوثاً إليه كما بعث محمد إلى الناس كافة، فهؤلاء ونحوهم ممن يخالف الشريعة ويبين له الحق فيعرض عنه يجب الإنكار عليهم بحسب ما جاءت به الشريعة من اليد واللسان والقلب. وكذلك أيضاً ينكر على من اتبع الأولين المعذورين في أقوالهم وأفعالهم المخالفة للشرع، فإن العذر الذي قام بهم منتف في حقه فلا وجه لمتابعته فيه» (٢).

وقد ظهر مصداق ما ذكره شيخ الإسلام في هذه المناظرة حيث احتج شيخهم على تبرير فعلهم هذا بأنهم مغلوبون عليه كما يغلب العطاس على صاحبه فلا يستطيع دفعه عن نفسه فهم إذا معذورون فيما يصدر عنهم أو منهم (٣).

وقد رد عليهم شيخ الإسلام وبين أنهم كاذبون فيما يدعون، فهم يتعمدون هذه الأفعال ويتقصدون القيام بها، وقياسهم هذا فاسد غير صحيح، فالمقاس عليه من غير جنس المقيس وذلك من وجهين:

الأول: أن العطاس من الله والله يحب العطاس كما جاء في الحديث


(١) اليونسية: طائفة من طوائف الصوفية المنحرفة نشأت بعد الستمائة بقليل في دمشق، يسمون الملامية أو الملامتية، واليونسية والحيدرية، والملامتي لا يظهر خيراً ولا يضمر شراً، ولذلك فهم يسترون صلاحهم بأمور تتداولها العوام ليست بمخالفات ولا معاص مبالغة في الخفاء. انظر: الخطط المقريزية (٢/ ٤٣٢ - ٤٣٣)، مجموع الفتاوى (٣٥/ ١٦٣).
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٣٨٤ - ٣٨٥).
(٣) المصدر السابق (١١/ ٤٦٩).

<<  <   >  >>