للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قول عباد الأصنام الذين يحسنون ظنهم بالحجارة» (١)

وبين رحمه الله أن هذا الكلام ليس من كلام أهل الشرك والبهتان، وليس من كلام أهل الإيمان، فضلاً أن يكون من كلام النبي -عليه أفضل صلاة وسلام-، فقال: «وقول القائل: (لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه الله به) هو من كلام أهل الشرك والبهتان» (٢).

ثانيًا: أن المتعين هو إحسان الظن بالله تعالى، لا بالأحجار والأصنام، وبهذا وردت النصوص ومن ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) (٣) وقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظنَّ بي خيرًا) (٤)، وفي صحيح مسلم عن جابر-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يموتنَّ أحدُكم إلا ويحسن ظنَّه بالله) (٥)؛ وذلك لأن الله هو "الذي تفرَّد بخلقه، وأوجده من العدم ولم يكن شيئًا، وبيده ضرُّه ونفعه، كما قال إمامنا وقدوتنا إبراهيم خليل الرحمن: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:٧٨ - ٨٢]، فهذا الرب العظيم الكبير المتعال، الذي بيده ملكوت كل شيءٍ، يُحسن العبد به ظنه، ما يحسن ظنه بالأحجار! " (٦).

ثالثاً: أن إحسان الظن بالأحجار، ليس من طبع المؤمنين بالله العلي العظيم،


(١) جامع المسائل (٥/ ١٠٤).
(٢) مجموع الفتاوى (١١/ ٥١٣).
(٣) سبق عزوه.
(٤) سبق عزوه.
(٥) سبق عزوه.
(٦) نبذة عن آخر حياة شيخ الإسلام (ص ٩) وجامع المسائل (٥/ ١٠٥ - ١٠٦)

<<  <   >  >>