للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحجة تهديه أو تقطعه، فإن ما به يعرف الإنسان الحق نوع، وما به يعرفه به غيره نوع، وليس كل ما عرفه الإنسان أمكنه تعريف غيره به» (١).

٣) إذا كان المناظِر عالماً بالحق ولكنه يحتج بالباطل لتقرير الحق قال شيخ الإسلام: «فلا يصلح ولا يحل أن نقول باطلاً أو نلتزمه لدفع مبطل؛ فإن ذلك رد باطل بباطل، ورد بدعة ببدعة، وهذا كما أنه حرام في الدين منكر في العقل، فمضرته أكثر من منفعته؛ فإن ذلك مما يوجب نفور المناظر، وظنه: أنا لا نعلم الحق، أو نعلمه ولا نتبعه؛ فيوجب ذلك إصراره على ما هو عليه من الباطل. فلا نكون قد نصرنا حقاً، ولا دفعنا باطلاً، بل أثرنا فتنة بلا فائدة، وإيقاع شبهات بلا بيّنات» (٢).

٤) إذا كان للمناظر قصد سيء من ظلم للخصم أو إرادة علو في الأرض، أو مجرد إرادة إظهار العلم والتفاخر به، أو مجرد المراء والجدال والخصومات دون إرادة إيصال الحق وإظهاره، فهذا -أيضاً- تكون مناظرته مذمومة منهياً عنها (٣).

وبالجملة فـ"كل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفَّى بموجب العلم والإيمان، ولا حَصَلَ بكلامه شفاء الصدور، وطمأنينة النفوس" (٤).


(١) درء تعارض العقل والنقل (٧/ ١٧١).
(٢) مسألة حدوث العالم (ص: ١٥٧)، وقال -رحمه الله- في درء التعارض (٧/ ١٦٥): «هذا مع أن السلف والأئمة يذمون ما كان من الكلام والعقليات والجدل باطلاً، وإن قصد به نصر الكتاب والسنة، فيذمون من قابل بدعة ببدعة، وقابل الفاسد بالفاسد، فكيف من قابل السنة بالبدعة، وعارض الحق بالباطل، وجادل في آيات الله بالباطل ليدحض به الحق».
(٣) انظر: أخلاق العلماء للآجري (ص:٥٦ - ٦٣)، ودرء تعارض العقل والنقل (٧/ ١٦٨)، مسألة حدوث العالم (ص: ١٥٧ - ١٥٨)، والفوائد في اختصار المقاصد للعز بن عبد السلام (ص:١٤٤)
(٤) درء تعارض العقل والنقل (١/ ٣٥٧)، وانظر: التسعينية (١/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>