للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشمال يذهب بها إلى القبور التي ببلاد الإسماعيلية كالعليقة والمنقية (١) ونحوهما، وأما في مصر فيذهب بها إلى دير هناك للنصارى، ونذهب بها إلى قبور هؤلاء الأشراف، وهم يظنون أن العبيديين شرفاء لما أظهروا أنهم من أهل البيت. فقلت: هل يذهبون بها إلى قبور صالحي المسلمين، مثل قبر الليث بن سعد، والشافعي، وابن القاسم (٢) وغير هؤلاء؟

فقالوا: لا.

فقلت لأولئك: اسمعوا؛ إنما يذهبون بها إلى قبور الكفار والمنافقين؛

وبينت لهم سبب ذلك قلت: لأن هؤلاء يعذبون في قبورهم، والبهائم تسمع أصواتهم كما ثبت في الحديث الصحيح؛] وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً راكباً على بغلته فحادت حتى كادت تلقيه عن ظهرها، فقالوا: ما شأنها يا رسول الله؟ فقال: (إنها سمعت أصوات يهود تعذب في قبورها) (٣).


(١) العليقة والمنيقة: من حصون الباطنية الإسماعيلية في شمال البلاد الشامية من أعمال طرابلس، انتزعها منهم بيبرس المملوكي سنة ٦٦٨ هـ، والعليقة سنة (٦٦٩ هـ). انظر: صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (٤/ ١٧٩ - ١٨١)، وغلاة الشيعة الباطنية في الشام (ص: ٣٣).
(٢) هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقيّ المصري، صاحب الإمام مالك، فقيه، جمع بين الزهد والعلم، كان ذا مال ودنيا، فأنفقها في العلم، صحب مالكاً عشرين سنة، وهو صاحب " المدونة " في مذهبهم، وهي من أجل كتبهم (ت: ١٩١ هـ). انظر: وفيات الأعيان (٣/ ١٢٩) تاريخ الإسلام (٤/ ١١٤٩).
(٣) هذا النص الذي ساقه شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، مجموع من حديثين مختلفين وليسا حديثاً واحداً: أما الحديث الأول فرواه مسلم برقم: (٢٨٦٧) من حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: بينما النبي -صلى الله عليه وسلم- في حائط لبني النجار، على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة -قال: كذا كان يقول الجريري- فقال: (من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟) فقال رجل: أنا، قال: (فمتى مات هؤلاء؟) قال: ماتوا في الإشراك، فقال: (إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا، لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه) ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: (تعوذوا بالله من عذاب النار» قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار)، فقال: (تعوذوا بالله من عذاب القبر) قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: (تعوذوا بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن) قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال: (تعوذوا بالله من فتنة الدجال) قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال، وأما النص الآخر فرواه البخاري (١٣٧٥)، ومسلم (٢٨٦٩) من حديث أبي أيوب رضي الله عنهم، قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد وجبت الشمس، فسمع صوتا فقال: (يهود تعذب في قبورها).

<<  <   >  >>