للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكبيرة (١)، وجرت بيني وبينه وبين غيره مخاطبات (٢)، فسألني فيما سألني: ما تقول في يزيد (٣)؟ فقلت: لا نسبه ولا نحبه، فإنه لم يكن رجلاً صالحاً فنحبه، ونحن لا نسب أحداً من المسلمين بعينه.

فقال: أفلا تلعنونه؟ أما كان ظالماً؟ أما قتل الحسين؟

فقلت له: نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف (٤) وأمثاله: نقول كما قال الله في القرآن: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨)} [هود:١٨] ولا نحب أن نلعن أحداً بعينه، وقد لعنه قوم من العلماء وهذا مذهب يسوغ فيه الاجتهاد، لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن.

وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله، أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً (٥).

قال: فما تحبون أهل البيت؟

قلت: محبتهم عندنا فرض واجب، يؤجر عليه، فإنه قد ثبت عندنا في صحيح


(١) وذلك سنة ٦٩٩ هـ.
(٢) وذلك في الثاني من رجب سنة ٦٩٩ هـ، قال ابن كثر: "وفي هذا اليوم خرج الشيخ تقي الدين بن تيمية إلى مخيم بولاي فاجتمع به في فكاك من كان معه من أسارى المسلمين، فاستنقذ كثيرا منهم من أيديهم، وأقام عنده ثلاثة أيام ثم عاد". البداية والنهاية (١٤/ ١٢ - ١٣).
(٣) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الأموي: ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام ولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ٦٠ هـ، وحدثت في عهد عدة وقعة الحرة ووقعة كربلاء وقُتل فيهما خلق من الفضلاء، (ت:٦٤). انظر: تاريخ دمشق (٦٥/ ٣٩٤) تاريخ الإسلام (٢/ ٧٣١).
(٤) الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، أبو محمد: قائد، داهية، سفاك، خطيب. ولد ونشأ في الطائف، ولاه عبد الملك مكة والمدينة والطائف والعراق عشرين سنة. وبنى مدينة واسط (بين الكوفة والبصرة) وكان سفاكا سفاحا باتفاق معظم المؤرخين ومات بواسط (٩٥ هـ). انظر: وفيات الأعيان (٢/ ٢٩) تاريخ الإسلام (٢/ ١٠٧١).
(٥) صرفاً ولا عدلاً: قيل فريضة ولا نافلة، وقيل: توبة ولا فدية، وقيل غير ذلك انظر: شرح النووي على مسلم (٩/ ١٤١).

<<  <   >  >>