للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول: أن يكون الله سبحانه قد أنزل في كتابه وسنة نبيه من هذه الألفاظ ما يضلهم ظاهره، ويوقعهم في التشبيه والتمثيل.

الثاني: ومنها أن يكون قد نَزَّلَ بيان الحق والصواب لهم، ولم يُفصح به، بل رمز إليه رمزاً وألغزه إلغازاً لا يفهم منه ذلك إلا بعد الجهد الجهيد.

الثالث: ومنها أن يكون قد كلف عباده أن لا يفهموا من تلك الألفاظ حقائقها وظواهرها، وكلفهم أن يفهموا منها ما لا تدل عليه ولم يجعل معها قرينة تفهم ذلك.

الرابع: ومنها أن يكون دائماً متكلماً في هذا الباب بما ظاهره خلاف الحق بأنواع متنوعة من الخطاب، تارة بأنه استوى على عرشه، وتارة بأنه فوق عباده، وتارة بأنه العلي الأعلى، وتارة بأن الملائكة تعرج إليه، وتارة بأن الأعمال الصالحة ترفع إليه، وتارة بأن الملائكة في نزولها من العلو إلى أسفل تنزل من عنده، وتارة بأنه رفيع الدرجات، وتارة بأنه في السماء، وتارة بأنه الظاهر الذي ليس فوقه شيء، وتارة بأنه فوق سماواته على عرشه، وتارة بأن الكتاب نزل من عنده، وتارة بأنه ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وتارة بأنه يرى بالأبصار عياناً يراه المؤمنون فوق رؤوسهم، إلى غير ذلك من تنوع الدلالات على ذلك، ولا يتكلم فيه بكلمة واحدة يوافق ما يقوله النفاة، ولا يقول في مقام واحد فقط ما هو الصواب فيه، لا نصاً ولا ظاهراً ولا يبينه.

الخامس: ومنها أن يكون أفضل الأمة وخير القرون قد أمسكوا من أولهم إلى آخرهم عن قول الحق في هذا الشأن العظيم الذي هو من أهم أصول الإيمان، وذلك إما جهل ينافي العلم، وإما كتمان ينافي البيان، ولقد أساء الظن بخيار الأمة من نسبهم إلى ذلك، ومعلوم أنه إذا ازدوج التكلم بالباطل والسكوت عن بيان الحق، تولد من بينهما جهل الحق وإضلال الخلق، ولهذا لما اعتقد النفاة التعطيل صاروا يأتون من العبارات بما يدل على التعطيل والنفي نصاً وظاهراً، ولا يتكلمون بما يدل على حقيقة الإثبات لا نصاً ولا ظاهراً، وإذا ورد عليهم من

<<  <   >  >>