للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبين شيخ الإسلام لخصمه أن عدم الإقرار بأن ما جاء من صفات الله في القرآن حق على حقيقته، يعني جواز تكذيب ما جاء في القرآن والقول بضده؛ وذلك لأن ما كان مجازا وليس حقيقة فإنه يصح نفيه، بل علامة المجاز صحة نفيه، فلو قلت: فلان أسد، جاز أن تقول فلان ليس بأسد ولكنه إنسان، وهكذا في كل لفظ استخدم في غير الحقيقة، فيلزم على القول بأن نصوص الأسماء والصفات ليست على حقيقتها، جواز نفيها، فيقال: في قوله: (سميع بصير)، ليس بسميع ولا بصير، ويقال في {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] لم يستو الرحمن على العرش، ونحو هذا، مما يعلم فساده وبطلانه بالضرورة من دين الإسلام "فكل من أنكر أن يكون اللفظ حقيقة لزمه جواز إطلاق نفيه، فمن أنكر أن يكون استوى على العرش حقيقة؛ فإنه يقول: ليس الرحمن على العرش استوى. كما أن من قال: إن لفظ الأسد للرجل الشجاع والحمار للبليد ليس بحقيقة؛ فإنه يلزمه صحة نفيه، فيقول: هذا ليس بأسد ولا بحمار ولكنه آدمي. وهؤلاء يقولون لهم: لا يستوي الله على العرش. كقول إخوانهم: ليس هو بسميع ولا بصير ولا متكلم؛ لأن هذه الألفاظ عندهم مجاز. فيأتون إلى محض ما أخبرت به الرسل عن الله سبحانه، يقابلونه بالنفي والرد؛ كما يقابله المشركون بالتكذيب" (١).


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ٢١٩).

<<  <   >  >>