للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العقلاء، وكون هذه الصفات ثبوتية وجودية معلوم بالضرورة، فلا يقبل فيه نزاع ولا يناظر صاحبه إلا مناظرة السوفسطائية (١).

ثالثاً: مما يوضح كونها صفات وجودية ثبوتية: أن كل أحد يعلم أن الحي إن كان خالياً عن الحب كان هذا الخلو صفة عدمية، فإذا صار محباً فقد تغير الموصوف، وصار له صفة ثبوتية زائدة على ما كان قبل أن يقوم به الحب (٢).

رابعاً: أن الشيء يعرف بضده، وكما قيل: وبضدها تتميز الأشياء. ومن المعلوم "أنك تقول: أحب يحب محبة، ونقيض أحب: لم يحب، ولم يحب صفة عدمية، ونقيض العدم الإثبات" (٣) فإذا كان عدم المحبة وصف عدمي، فإن المحبة وصف وجودي ثبوتي بغير شك.

خامساً: أن ابن المرحل أطلق القول بعدمية هذه الصفات والمعاني في الخالق والمخلوق، وهذا التعميم والإطلاق لا يُعلم له قائل، ولم يسبقه إليه أحد وإنما وقع الخلاف فيما اتصف به الخالق سبحانه من هذه الصفات، قال شيخ الإسلام: «وأما إرادة المخلوق وحبه وبغضه فلم نعلم أحداً من العقلاء قال: إنه أمر عدمي» (٤).

سادساً: قال شيخ الإسلام: «التشريف بالنسبة إذا تجردت عن إضافة إلى صفة، اقتضى مجرد التشريف.

فأما النسبة إذا اقترنت بذكر صفة، أوجب ذلك إثبات الصفة، التي لولاها ما تمت النسبة، فإن قولنا: خلق الله الخلق بقدرته. لما نُسب الفعل إلى تعلقه بصفة الله، اقتضى ذلك إثبات إحاطة بصفة هي القدرة، ولا يكون مجرد النسبة واجب منها الصفة، فكذلك هاهنا لما كان ذكر التخصيص، مضافًا إلى صفة وجب إثبات


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١١/ ١٤٨) العقود الدرية (ص:١٢٥).
(٢) العقود الدرية (ص:١٢٦) مجموع الفتاوى (١١/ ١٤٩).
(٣) مجموع الفتاوى (١١/ ١٤٩) العقود الدرية (ص:١٢٦).
(٤) مجموع الفتاوى (١١/ ١٤٨) العقود الدرية (ص:١٢٥).

<<  <   >  >>