للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البديهية والعلوم الفطرية الضرورية؟! (١).

٤) أنه قد عُلم بالضرورة أن ما يخلو من وصفين متقابلين -يمتنع خلو الموجود عن أحدهما-، فإنما هو في الحقيقة ممتنع معدوم، فوصف الله سبحانه بأنه غير مباين للعالم ولا محايث له ولا داخله ولا خارجه، إنما هو من صفة المعدوم والممتنع الذي لا وجود له ولا حقيقة (٢).

٥) أن الفطر قد جبلت على تعظيم الله ووصفه بصفات الكمال والجلال، وقولهم هذا ليس فيه أي إثبات أو تعظيم أو كمال، وهذا -ولا شك- منافٍ لما جبلت عليه الفطر من تعظيم الخالق -جل وعلا-، بل إنه في الحقيقة من تشبيهه -عز وجل- بالمعدومات والممتنعات، وفي ذلك من عظيم التنقص ما فيه (٣).

٦) أن من لازم قولهم في تجويز إثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباين للعالم ولا محايث له، تجويز قول الحلولية والاتحادية الذين يقولون بأن الله في كل مكان بلا حلول ولا مماسة ولا مباينة، وليس مع ذلك كالجسم مع الجسم ولا كالعرض مع العرض، فليس تناقض هؤلاء ببعيد عن تناقض أولئك، ولذلك قال شيخ الإسلام: «لا تكاد تجد أحداً من نفاة المباينة والمداخلة جميعاً، أو من الواقفة في المباينة يمكنه مناقضه الحلولية والاتحادية مناقضة يبطل بها قولهم، بل أي حجة احتج بها عليهم عارضوه بمثلها، وكانت حجتهم أقوى من حجته» (٤).

بل إن قول النفاة أشد بطلاناً وأبعد عن العقل السليم والفطرة المستقيمة من قول الحلولية؛ لأن الوصف بما هو أقرب للموجودات أولى من الوصف بالممتنعات والمعدومات (٥).


(١) انظر: المصدر السابق (٦/ ١٨).
(٢) انظر: المصدر السابق (٦/ ١٣٣، ١٣٤).
(٣) انظر المصدر السابق (٦/ ١٧٨)
(٤) درء التعارض (٦/ ١٥٩) وانظر: المصدر نفسه (٦/ ١٤٤، ١٤٥، ١٥٦، ١٧٦)
(٥) انظر المصدر السابق (٦/ ١٧٦).

<<  <   >  >>