للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محصورون بهذا السفح، وفي غد إن شاء الله تعالى يؤخذون عن آخرهم.

قال فحمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله، ودعا لي في ذلك الموطن دعاء وجدت بركته في ذلك الوقت وبعده» (١).

ومن مواقفه في ذلك موقفه العظيم مع سلطان التتر السلطان محمود غازان (٢)، قال العلامة أحمد بن يحيى العمري: «ولما قدم غازان دمشق خرج إليه ابن تيمية في جماعة من صلحاء الدماشقة، منهم القدوة الشيخ محمد بن قوام، فلما دخلوا على غازان كان مما قال ابن تيمية للترجمان: قل للقان: أنت تزعم أنك مسلم ومعك قاض وإمام وشيخ مؤذنون على ما بلغنا، فغزوتنا، وأبوك وجدّك هولاكو كانا كافرين وما عملاً الذي عملت، عاهدا فوفيا، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت، وجرت له مع غازان وقطلوشاه وبولاي أمور ونوب، قام فيها كلها لله، وقال الحق ولم يخش إلا الله» (٣).

وقال القاضي شهاب الدين أحمد بن يحيى العمري: «جلس الشيخ إلى السلطان محمود غازان حيث تجم الأسد في آجامها، وتسقط القلوب دواخل أجسامها، وتجد النار فتوراً في ضرمها، والسيوف فرقاً في قرمها، خوفاً من ذلك السبع المغتال، والنمرود المختال، والأجل الذي لا يدفع بحيلة محتال، فجلس إليه وأومأ بيده إلى صدره، وواجهه ودرأ في نحره، وطلب منه الدعاء، فرفع يديه ودعا دعاء منصف أكثره عليه، وغازان يؤمن على دعائه» (٤).


(١) العقود الدرية (ص:١٩٣ - ١٩٤).
(٢) هو محمود غازان بن أرغون، من سلالة ملكية تنتهي إلى جنكيز خان، كان من أبرز الملوك في دولته وأقواهم، كان له خبرة بسياسة الأمور وتدبير الملك، وكان قد التحق في أفعاله بجده الأكبر هولاكو، ويعتبر عهده فترة تحول المغول من حياة البدو إلى الاستقرار (ت: ٧٠٣ هـ). انظر: فوات الوفيات (٤/ ٩٧)، الدرر الكامنة (٣/ ٢٩٢).
(٣) مسالك الأبصار ضمن الجامع لسيرته (٣٢٠).
(٤) تتمة المختصر ضمن الجامع لسيرته (ص: ٣٣٤).

<<  <   >  >>