للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦. أن المناظرات قسمان: محمود ومذموم، فما جاء من النصوص في ذم المناظرة فإنه يحمل على القسم المذموم، وما جاء من حث أو أمر بها فيحمل على المناظرات المحمودة، وضابط ما يُذم من المناظرات ما كان فيه مفسدة راجحة، أو لم تكن فيه مصلحة راجحة، أو كان المُناظِر لا يقوم بواجبها وليس أهلاً لها.

٧. أن شخصية شيخ الإسلام كانت شخصية علمية عظيمة القدر والمنزلة والمكانة، فقد تحلى من الصفات بأعلاها وأرفعها، ومن الأخلاق بأجودها وأكرمها، كإخلاصه وسعة علمه وقوة حفظه وجلده في العلم والتعليم وقوة حجته وزهده وكرمه وحلمه وعفوه وصفحه وصبره ويقينه وشجاعته وتواضعه، وقد شهد له بهذا أئمة عصره وعلماء وقته، وقد نقلت في ثنايا البحث شهادة أكثر من ثلاثين رجلاً ما بين عالم ومصنف ووزير ومؤرخ وموافق ومخالف أنهم لم يروا مثل شيخ الإسلام، فهو فريد عصره وإمام وقته -رحمه الله-.

٨. امتاز منهج شيخ الإسلام في مناظراته بأمور عديدة منها: وحدة منهجه وطريقته ومسلكه، والتزامه بالأدلة الشرعية من نصوص الكتاب والسنة وآثار سلف الأمة، وثقته بالله تعالى وبما رزقه من علم وبصيرة وحق، وقوة حجته وحضورها، وتمام العلم والدراية بمذاهب الخصوم، والدقة في النقل، والتحري في نسبة الأقوال للمخالفين، والأمانة العلمية في الطرح، وحرصه في مناظراته على جمع الكلمة واتفاقها، وشجاعته في النطق بالحق، وعدم مهابته لأحد غير الله، وفطنته بمكايد الخصم وسرعة بديهته في معرفة مراده، وعدله مع الخصم المخالف وإنزاله منزلته التي يستحقها، واعتنائه في الرد والتقرير بالأصول والقواعد دون الفروع والجزئيات، وضرب الأمثلة والتطبيقات لما يذكره من قواعد وتقريرات، وتدرجه مع المخالف في بيان الباطل وتقرير الحق، وابتدائه في مناظراته بنقض شبهة الخصم ومعتقده الفاسد قبل تقرير الحق والمعتقد الصحيح، وتنزله مع الخصم ليكون أدعى لقبول الحق، وحرصه على إفهام الخصم والإتيان بالعبارات الواضحة في الحوار معه، وتنوع أساليبه وطرقه

<<  <   >  >>