للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفَقَّأُ فَوْقَهُ الْقَلَعُ السَّوَارِي وَجُنَّ الْخَازِ بَازِ بِهِ جُنُونَا (١) وصوتُ الذُّباب، وداءٌ يكون في اللَّهزمتين، وهما عظمان ناتئان تحت الأذن، والسِّنَّوْر؛ قال ابن يعيش: "وهو أغربها" (٢).

ب - والضَّرْب الآخَر كنايات مركَّبة، وهي: "كم"، و"كَأيِّنْ"، و"كذا".

أمَّا "كم" فتأتي استفهامية يُسأل بها عن عددٍ مجهولِ المقدار، كما في قوله - تعالى -: {سَلْ بَنِي إِسْرَائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِن آيةٍ بَيِّنَةٍ} [البقرة: ٢١١]، وقوله - تعالى -: {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ} [البقرة: ٢٥٩].

وتأتي خبريةً يُكنى بها عن عددٍ كثير، كما في قوله - تعالى -: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٩]، وقوله - تعالى -: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} [الأنعام: ٦]، وقوله - تعالى -: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} [الدخان: ٢٥ - ٢٧].

وهي مركَّبة عند الكوفيين من "كاف" التشبيه و"ما" الاستفهاميَّة المحذوفة ألفها؛ لدخول حرف الجر عليها، وسُكِّنت الميمُ؛ لكثرة الاستعمال (٣)؛ قال ابن عُصفور: "وهو باطل؛ لأنَّها يدخل عليها حرفُ الجرِّ، وحرف الجر لا يَدخل على مثله (٤)، وهي عند البصريين بسيطة؛ لأنَّ الأصل الإفراد (٥).

وأما "كأيِّنْ" (٦) فكنايةٌ عن عدد كثير، فهي مثل: "كم" الخبرية في ذلك؛ قال - تعالى -: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: ١٤٦]، وقال - تعالى -: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا} [يوسف: ١٠٥]، وقال - تعالى -: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [الحج: ٤٥]، وهي مركَّبة من "كاف" التشبيه و"أيٍّ" المنوَّنة (٧)، وقيل: يحتمل أن تكون بسيطة (٨)، وفيها لغات (٩).


(١) "إصلاح المنطق"، (ص: ٤٤)، "الخزانة"، (٦/ ٤٤٢ - ٤٤٦).
(٢) "شرح المفصل"، (٤/ ١٢٢)، ولم يذكر له سيبويه (٢/ ٥١) سوى معنيين: الذباب والداء.
(٣) "معاني القرآن"، للفراء، (١/ ٤٦٦)، "الإنصاف"، (ص: ٢١١، ٢٩٨ - ٢٩٩).
(٤) "شرح الجمل"، (٢/ ٦٤).
(٥) "الإنصاف"، (ص: ٢٩٨ - ٣٠٣)، (المسألة: ٤٠)، "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٣٧٧)، "الجنى الداني"، (ص: ٢٧٥)، "مغني اللبيب"، (ص: ٢٠٣).
(٦) يجوز إثبات نونها وحذفها في الكتابة، والحذف هو الأصل؛ لأنَّ نونها نون تنوين، وهو المشهور فيها، ونون التنوين لا تثبت في الكتابة، ووضح ابن هشام في "المغني"، (ص: ٢٠٣) وَجْهَ إثبات نونها، وذهب أبو حيَّان في "البحر المحيط"، (٣/ ٧٣) إلى أن النون من بنية الكلمة، وليست تنوينًا، وعلى هذا لا بُدَّ من إثبات نونها في الكتابة؛ لذا كتبتها بالنون؛ لاحتمالها هذا القول.
(٧) "الكامل"، للمبرد، (٣/ ٣٢١)، "المسائل المشكلة"، (ص: ٣٩٣)، "سر صناعة الإعراب"، (ص: ٣٠٧)، "النكت في تفسير كتاب سيبويه"، (ص: ٥٣٢)، "شرح الإيضاح"، للعكبري، (ص: ١٠٩٧)، "مغني اللبيب"، (ص: ٢٠٣).
(٨) "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٣٨٥).
(٩) هي "كأيِّن" "وكائن" على وزن "كاعٍ"، و"كَئِن" على وزن "كَعٍ"، و"كَأْيٍ" بوزن (كَعْيٍ)، و (كَيْءٍ) بوزن (كَيْعٍ)، "سر صناعة الإعراب"، (ص: ٣٠٨)، "النكت"، (ص: ٥٣٢)، "المفصل"، (ص: ١٨٣)، "شرح الإيضاح"، للعكبري، (ص: ١٠٩٨ - ١١٠٣)، "شرح الإيضاح"، (٢/ ٥٢)، "البحر المحيط"، (٣/ ٤٢٢ - ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>