كتاب مقالات موقع الدرر السنية

مقالات مميزة - الأسماء المركبة: أنواعها وإعرابها .. دراسة نحوية - ج: 3 - ص: 55

وأمَّا "كذا" فيُكنى بها عن عددٍ مُبهم، تقول: له عندي كذا دينارًا، وله عندي كذا وكذا درهمًا، ويُكنى بها عن غيرِ عدد، تقول: مررتُ بدار كذا، وقال عبد الله: كذا وكذا، ومنه قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: "يقول النَّاس: أكْثَرَ أبو هريرة، فلقيت رجلاً، فقلت: بأيِّ سورة قرأ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - البارحة في العَتَمَة؟ فقال: لا أدري، فقلت: ألا تشهدها؟ قال: بلى، قلت: ولكنِّي أدري، قرأ سورة كذا وكذا" (١).

وهي بنوعيها مركَّبة من "الكاف" واسم الإشارة، "ذا" (٢).

إعراب المركَّبات:

أولاً: الأعلام المركَّبة:

١ - المركَّب الإضافي يُعامل الجزء الأول منه "المضاف" بحسب ما يقتضيه العامل، فيُرفع أو يُنصب أو يُجر، ويلزم الجزء الثاني من "المضاف إليه" الجرَّ بالإضافة، مصروفًا - إن خَلاَ من الأسباب المانعة من الصَّرف - فتقول جاء عبدُاللهِ، ورأيت عبدَاللهِ، ومررت بعبدِالله، ويمنع من الصَّرف إن وُجد فيه سببه كعبدِ يغوثَ.

٢ - المركَّب المزجي، وهو إمَّا أن يكون مختومًا بكلمة "ويه" (٣)، كـ"سيبوَيْهِ" و"نفطوَيْهِ" و"خالوَيْهِ"، وإمَّا بغيرها كـ"بَعْلَبَكَّ" و"حَضْرَمَوْتَ" و"مَعْدِ يكَرِبَ".

فإن كان مختومًا بكلمة "وَيْه"، فيُبنى على الكسر، وينوَّن إذا نُكِّر (٤)، ونُقل عن الجرمي (ت: ٢٢٥هـ) أنَّه يُجيز إعرابَه إعرابَ ما لا ينصرف للعلميَّة والتركيب (٥)، وذكر ابن مالك: أنها لغة بعض العرب (٦).

وإن كان مختومًا بغيرها كبَعْلَبَكَّ ومَعْدِ يكَرِبَ، فالمشهور فيه إعرابُه إعرابَ الممنوع من الصرف على آخره للعلمية والتركيب، ويلزم أوله البناء على الفتح ما لم يكن منتهيًا بياء، فيسكَّن تقول: هذه بَعْلََبَكُّ، ودخلتُ على بَعْلَبَكَّ، وخرجتُ من بَعْلَبَكَّ، وهذا مَعْدِ يكَرِبُ، ورأيتُ مَعْدِ يكَرِبَ، ومررتُ بِمَعْدِ يكَرِبَ.

وفيه لغتان أخريان للعرب:

إحداهما: معاملته معاملة المركَّب الإضافي، فتظهر علاماتُ الإعراب على آخِرِ الصَّدر، ما لم يكن ياء فتسكَّن، وتُقدَّر جميع الحركات عليها، ويلزم آخِره الجر بالإضافة مع الصَّرف - إن لم يكن فيه ما يمنع ذلك - كأيِّ مضاف إليه، وعلى هذه اللُّغة لا توصل الكلمة الأولى بالكلمة الثانية حين الكتابة كأيِّ مركب إضافي، فنقول: هذه بَعْلُ بَكٍّ، ودخلت بَعْلَ بَكٍّ، وخرجت من بَعْلِ بَكٍّ، وهذا مَعْدِي كَرِبٍ، ومررت بِمَعْدِي كَرِبٍَ، بصرف (كَرِب) ومنعه (٧).

---

(١) "صحيح البخاري"، باب العمل في الصلاة، (٣/ ١٣٩٥).
(٢) "شرح الإيضاح"، للعكبري، (ص: ١٠٩٣)، "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٣٨٨ - ٣٨٩)، "فوح الشذا"، (ص: ١٦ - ١٧)، "الأشباه والنظائر"، (٤/ ١٥٣ - ١٥٤).
(٣) كلمة فارسية، قيل: معناها رائحة، وقيل: هي اسم صوت أعجمي.
"النكت في تفسير كتاب سيبويه"، (ص: ٨٦٦)، "شرح المفصل"، لابن يعيش، (١/ ٢٩)، "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٤٣٤)، "الأشباه والنظائر"، (١/ ٢٣٨)، "حاشية الصبان"، (١/ ١٣٤).
(٤) "سيبويه"، (٢/ ٥٢ - ٥٣).
(٥) "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٤٩٧)، "شرح شذور الذَّهب"، (ص: ٨٩)، "المساعد"، (١/ ١٢٨)، "تعليق الفرائد"، (٢/ ١٤٦).
(٦) "شرح التسهيل"، (١/ ١٧٣).
(٧) "سيبويه"، (٢/ ٥٠)، من نظر إليه على أنه اسم القبيلة منعه من الصرف؛ للعلميَّة والتأنيث؛ "البديع في علوم العربية"، (ص: ٤٧٠)، وفي "حاشية الصبان"، (٣/ ٢٥٠)، و"الخضري"، (٢/ ١٠٢): "قال الخبيصي: من قدَّر كَرِبًا اسمًا للكربة منع صرفه، ومن قدره اسمًا للحزن صرفه".