للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللُّغة الثانية: معاملته معاملة المركَّب العددي، فيُبنى الجزأان على الفتح في كل حال، ما لم يكن صدره مختومًا بياء كـ "مَعْدِ يكَرِبَ"، و"قَالِي قَلاَ" (١)، فلتزم السُّكون (٢).

٣ - المركَّب الإسنادي يلزم الحكاية؛ أي: حكاية حاله السَّابقة قَبلَ التَّسمية به، فلا يدخله أيُّ تغيير، وتُقدَّر على آخره جميعُ حركات الإعراب، مثل: جاء جادَ الحقُّ، ورأيت جادَ الحقُّ، ومررت بجادَ الحقُّ، وقيل: هو مبني لا معرب (٣).

وذكر ابن مالك: أنَّ من العرب مَن يضيف صدرَ المركَّب الإسنادي إلى عَجُزه، إذا كان ظاهرًا، فيقول: جاء برقُ نحرِه (٤)، وتعقبه أبو حيَّان، فقال: ولا يقاس على هذا إنْ صحَّ النقل؛ لأنَّ النُّحاة نصُّوا "على أنَّ كلَّ ما سُمِّي به ممَّا يتضمن إسنادًا، فليس فيه إلاَّ الحكاية" (٥)، ولا عبرة بما نقله الدماميني عن بعضهم أنَّه أجاز إعرابَ المركَّبِ الإسناديِّ إذا كان عَجُزه مضمرًا، مثل: "قمت" مسمًّى به، فيقول: هذا قمتٌ، ورأيتُ قُمتًا، ومررت بقُمتٍ، بالتنوين والحركات الثلاث على التاء (٦).

ثانيًا: إعراب ما رُكِّب من غير الأعلام:

١ - المركَّب العددي يُبنى جزأاه - العقد والنَّيِّف - على الفتح ما عدا "اثني عشر"، فصَدْرُه معربٌ إعرابَ المثنى، ويلزم عَجُزه البناء على الفتح، كحالِه مع الأعداد المركَّبة الأخرى؛ قال - تعالى -: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: ٤]، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} [التوبة: ٣٦]، {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: ٣٦]، {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [المائدة: ٦٠]، {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: ٣٠]، ونُقِل عن ابن كيسان (٢٣٠ - ٢٩٩هـ)، وابن درستويه (٢٥٨ - ٣٤٧هـ): أنَّ صدرَ "اثني عشر"، و"اثنتي عشرة" مبنيٌّ كسائر الأعداد المركَّبة، غاية ما في الأمر أنَّه وضع للرَّفع "اثنا عشر" و"اثنتا عشرة"، وللنَّصب والجر "اثني عشر" و"اثنتي عشرة" (٧).

وفي ياء "ثماني عشرة" أربعة أوجه: فتح الياء (ثمانيَ عشرة)، وهو الوَجهُ، كما يُفتح صدر غيره من الأعداد المركَّبة، يليه تسكينها (ثمانيْ عشرة)، ثم حذفها مع كسرة النون (ثمانِ عشرة)، ومع فتحها (ثمانَ عشرة) (٨).

وحكى سيبويه عن بعض العرب إعرابَ عَجُز العدد المركَّب إذا أُضيف، مع بناء الصَّدر على الفتح، فقال: "ومِن العرب مَن يقول: خمسةَ عشرُك، وهي لغةٌ رديئة" (٩).


(١) مدينة بأرمينية، ينسب إليها العالم اللُّغوي أبو علي القالي صاحب الأمالي، "معجم البلدان"، (٤/ ٢٩٩ - ٣٠٠).
(٢) "سيبويه"، (٢/ ٤٩ - ٥٠)، "إصلاح الخلل"، (ص: ٢٧٨ - ٢٧٩)، "المفصل"، (ص: ١٧٩)، "اللباب"، (١/ ٥١٨ - ٥١٩)، "شرح المفصل"، (٤/ ٤٢١)، "شرح الجمل"، (٢/ ٢٢٧)، "التسهيل"، (ص: ٢٢١ - ٢٢ ٢)، "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٤٣٢ - ٤٣٣، ٤٩٧ - ٤٩٨)، "المساعد"، (١/ ١٢٧)، "تعليق الفرائد"، (٢/ ١٤٥)، ولم يذكر "سيبويه"، وابن السيِّد، والزمخشري اللُّغةَ الأخيرة "البناء على فتح الجزأين".
(٣) "حاشية الصبان"، (١/ ١٣٣)، "حاشية الشيخ حسن العطَّار على شرح الأزهرية"، (ص: ٣١).
(٤) "شرح التسهيل"، (١/ ١٧٣).
(٥) "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٤٩٨).
(٦) "تعليق الفرائد"، (٢/ ١٤٧).
(٧) "شرح الكافية"، للرضي، (٢/ ٨٨)، "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٣٦٦)، "المساعد"، (٢/ ٨٠).
(٨) "شرح الجمل"، لابن عصفور، (٢/ ٣٤)، "التسهيل"، (ص: ١٨٨)، و"شرحه"، لابن مالك، (٢/ ٤٠٣)، "ارتشاف الضَّرَب"، (١/ ٣٧٠)، "المساعد"، (٢/ ٨٢).
(٩) "الكتاب"، (٢/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>