للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْلاَ يَوْمُ يَوْمٍ مَا أَرَدْنَا جَزَاءَكَ وَالْقُرُوضُ لَهَا جَزَاءُ (١) لَمَّا لم يُرِدْ بالمركَّب الظرفيةَ، أعربَه ورفعه بالابتداء، بخلاف ما إذا كانت مركَّبةً مبنية، فإنَّها لا تخرج عن الظرفية أو الحالية.

٢ - أسماء الأفعال المركَّبة مبنيةٌ جميعُها، سواء أكانت مركَّبةً مِن جار ومجرور، أمْ من غيرهما، وهذا - أعني: البناء - حُكمُ جميع أسماء الأفعال؛ بسيطِها ومركَّبِها.

واختلف في "الكاف" اللاَّحقة لأسماء الأفعال المركَّبة من جار ومجرور، مثل: "عليك"، و"إليك"، و"مكانك"، و"دونك"، وهي تتصرَّف بحسب المخاطب إفرادًا وتثنيةً وجمعًا، وتذكيرًا وتأنيثًا، فقيل: هي اسم، في موضع جرٍّ عندَ البصريِّين، ونصبٍ عندَ الكِسائي (ت: ١٨٩هـ)، ورفعٍ عند الفرَّاء (ت: ٢٠٧هـ)، وذهب ابن باشاذ (ت: ٤٦٩هـ) إلى أنَّها حرف خطاب وليست ضميرًا، فلا موضعَ لها من الإعراب (٢)، وهذا - في رأيي - أقرب الأقوال فيها إلى القَبول والأخذ به؛ لأنَّها صارت بالتَّركيب كالجزء من الكلمة، وجزء الكلمة لا موضعَ له من الإعراب، فهي كالكاف اللاَّحقة لأسماء الإشارة، ومثلُ الكاف في "عليك" و"إليك" ... والياءُ في "عليَّ" بمعنى: أَوْلِنِي، و"إليَّ" بمعنى: أتنحَّى، والهاءُ في "عليه" بمعنى: ليلزم.

٤ - "حَيْصَ بَيْصَ" مبنيٌّ على فتح الجزأين عند مَن قال: "حَيْصَ بَيْصَ" و"حَوْصَ بَوْصَ"، وعلى كسرهما عندَ مَن قال: "حَيْصِ بَيْصِ"، ومعربان عند مَن نوَّنهما (٣)، كقول أعرابيٍّ لآخَرَ: "إنَّك لتحسب عليَّ الأرض حَيْصًا بَيْصًا" (٤).

٥ - "خازِ بازِ" تلاعبتِ العرب في هذه الكلمة - سبق أنَّ فيها سبعَ لُغات (٥) -: فمن قال: "خازَ بازَ" بفتح الجزأين، فقد ركَّب الاسمين وجعلهما اسمًا واحدًا، وبناهما على فتح الجزأين تشبيهًا بالمركَّب العدديِّ كخمسةَ عشرَ، ومَن قال: "خازِ بازِ"، فقد بناهما على الكسر، قال ابن يعيش: "جعلهما اسمين غير مركَّبين، وأجراهما مجرى الأصوات، نحو: غاقِ غاقِ" (٦)، ويُشعر كلامُ الرضي بأنَّهما مركَّبان والحال هذه (٧).

ومَن قال: "خازِ بازُ" بكسر الزَّاي الأولى، فقد عامله معاملةَ المركَّب المزجي، فأعربه إعرابَ الممنوع من الصَّرف على آخره؛ قال الرضي: "للعلميَّة الجنسية والتركيب" (٨)، وكُسِر أوَّله؛ للتَّخلص من الْتقاء الساكنين، وهما الألف والزاي التي كانت ساكنةً على أصل البناء (٩)، أمَّا "خازَ بازُ" بفتح الزاي الأولى، فمعربٌ إعرابَ الممنوع من الصَّرف كسابقه، وفُتِحَ أوَّله كما فتح أول "بَعْلَبَكَّ" و"حَضْرَمَوْتَ"، وغيرهما من المركَّبات المزجيَّة، التي أولها ليس مختومًا بياء؛ لأنَّ الثاني نُزِّل منزلةَ تاء التأنيث مما قبلها، فلزم آخِر الأوَّل الفتح، كما لزمه ما قبل تاء التأنيث.


(١) "سيبويه"، (٢/ ٥٣)، "شرح شذور الذَّهب"، (ص: ٧٦)، "الخزانة"، (٦/ ٤٤٠ - ٤٤١).
(٢) "سيبويه"، (١/ ١٢٦ - ١٢٧)، "المقتضب"، (٣/ ٢٢١، ٢٧٩ - ٢٨٠)، "شرح المفصل"، لابن يعيش، (٤/ ٧٥)، "شرح الكافية الشافية"، (ص: ١٣٩٣)، "شرح الكافية"، للرضي (٢/ ٦٨ - ٦٩)، "ارتشاف الضَّرَب"، (٣/ ٢١٤)، "المساعد"، (٢/ ٦٥٦ - ٦٥٧).
(٣) "الْمَشُوف الْمُعْلَم"، (ص: ٢٢٥)، "شرح الكافية"، للرضي (٢/ ٩٢).
(٤) "الإتْباع"، (ص: ١٤)، "مجمع الأمثال"، (١/ ٨٨)، "الْمَشُوف الْمُعْلَم"، (ص: ٢٢٥).
(٥) انظر: (ص: ٩) من هذا البحث.
(٦) "شرح المفصل"، (٤/ ١٢٠).
(٧) "شرح الكافية"، (٢/ ٩٢).
(٨) "شرح الكافية"، (٢/ ٩٢)، وانظر: ما سبق بشأن إعراب المركب المزجي.
(٩) "شرح المفصل"، (٤/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>