للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول وليسون: «ليست وظيفة السينما أن تزودنا بمعرفة للعالم فحسب وإنما تخلق أيضا القيم التي نعيش بها» (١).

ويقول محمد كريم في مذكراته عن فتنة الناس بالسينما في مصر: «وإذا كان الصباح ملك المدرسة ودروسها فإن بعد الظهر كان ملك الأصحاب ..... كانت تسليتهم الكبرى الذهاب إلى السينما توغراف .. » (٢).

الإفساد والاستلاب:

لقد كان كبار السينمائيين في البلاد العربية -وخاصة في مصر محضن السينما العربية- من غير المسلمين، وينفذون إلى عقول المسلمين عبر السينما، ومنهم من غيروا أسماءهم وديانتهم لما اقتضى الأمر ذلك، وكانوا وكلاء للأجانب في العبث بعقول الناس، وصرفهم عن دينهم، وإفساد أخلاقهم، والكلام عنهم يطول .. لكن سأذكر مثالاً واحداً أسلط الضوء عليه، وهو من خلع عليه الإعلام المضلل جملة من الألقاب، وحظي بجوائز عربية وعالمية كثيرة على إفساده، وهو أشهر مخرج سينمائي عُمِّر في مصر طويلا؛ إذ مات عن ثنتين وثمانين سنة، قضى منها ستين سنة في السينما وإفساد الناس بها، وهو النصراني يوسف شاهين الذي يعدونه خاتمة المخرجين الكبار، وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام ١٩٩٦ م اختار سينمائيون مصريون يوسف شاهين أفضل مخرج مصري في القرن كله.

كانت الأفلام التي يخرجها تمنع في البلاد العربية في أول الأمر لما كانت ذائقة العرب صحيحة، وأخلاقهم مستقيمة، فتعرضها فرنسا في قنواتها وهي التي كانت تمولها (٣) فما مصلحة فرنسا من تمويل أفلام عربية ثم عرضها في شاشاتها؟!

أخرج يوسف شاهين فيلم (القاهرة منورة بأهلها) بأموال فرنسية، وعرضه في مهرجان (كان) وأعَجَبَ الفرنسيين لطعنه في المصريين وتصويرهم فيه بأنهم شعب شهواني رخيص متوحش يأكل بعضه بعضاً، وأظهر فيه الشباب المصري شواذَّ يبيعون أنفسهم للأجانب، ونقل فيه الصورة من صلاة الجمعة، وأكوام الأحذية عند باب الجامع إلى جسم راقصة في مرقص، وأظهر في فيلمه الأقباط متحضرين وغير راضين عن هذه الأوضاع في مصر، حتى قال أحد النقاد السينمائيين: «لقد جمع يوسف شاهين كل البيض الفاسد في سلة واحدة» وذكر أنه صور المصريين كما أرادهم الفرنسيون (٤).


(١) تعريف النقد السنيمائي ٤٢ عن السينما والأدب ص ١٩
(٢) محمد كريم من المخرجين القدماء، امتهن الإخراج السنيمائي سنة ١٩٢٧م ويعدونه من المخرجين الرواد، ويسمونه في السينما المصرية: المعلم الأول، وهو من أوائل من وطنوا السينما في مصر حين كان الأجانب وخاصة الإيطاليين هم الذين يخرجون الأفلام السينمائية، تأثر بالسينما وعشقها وعمره عشر سنوات إثر مشاهدته لفيلمي (أسرار نيويورك، وفانتوماس) التي عرضت في سينما (أمبير) في القاهرة، وحاول امتهان التمثيل، وكان يستخفي من أهله هو ورفاقه لأن التمثيل آنذاك كان عارا، ومع تغير الأفكار والقيم صار شرفا. وقد طبعت مذكراته في تاريخ السينما المصرية أكاديمية الفنون عام ٢٠٠٦م بتحقيق محمود علي.
(٣) انظر: يوسف شاهين أمام المحاكم، محمد الصاوي، مكتبة المعارف الحديثة الاسكندريةص٢٨ - ٢٩.
(٤) المصدر السابق ص٣١ - ٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>