للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملاحظة الثالثة: اقتحام العناصر النسائية أو إقحامها في السينما أول نشأتها في مصر إنتاجاً وتمثيلا؛ فأسست عزيزة أمير أول شركة مصرية لها باسم إيزيس فيلم، وخرج فيلمها الأول باسم ليلى في موسم (١٩٢٧ - ١٩٢٨م) وفيلمها هذا يعده المؤرخون للسينما أول فيلم مصري حقيقي. في أعقاب هذا الفيلم خرج فيلم زينب الذي اشتركت فيه بهيجة حافظ التي أسست فيما بعد شركة سينمائية باسم فنار فيلم. ثم قامت آسيا داغر وأنشأت شركة سينمائية باسم لوتس فيلم وقدمت فيلم غادة الصحراء. ثم جاء دور فاطمة رشدي فأسست شركة سينمائية (١).

يقول محمد السيد شوشة: «لقد اقترن الإنتاج السينمائي في البداية بأسماء ست سيدات مصريات كن الرائدات ... عزيزة أمير صاحبة فيلم (ليلى) وفردوس حسن فيلم (سعاد الغجرية) وآسيا فيلم (غادة الصحراء) وبهيجة حافظ بفيلم (الضحايا) وفاطمة رشدي بفيلم (الزواج) وأمينة محمد بفيلم (تيتاوونج) (٢) وإقحام المرأة في عالم السينما منذ بدايتها إخراجاً وتمثيلا، وخلطها بالرجال؛ أثمر ثقافة العري والتخلع والغرام المحرم والإسفاف المخجل في الأفلام المصرية التي غزت العالم العربي فنشرت هذه الثقافة الفاسدة فيه.

زرع القيم والأفكار بالسينما:

كانت السينما من أقوى الأسلحة الفكرية التي نفذت إلى عقل مشاهديها بسهولة لتؤثر فيهم، وتصوغ أفكارهم؛ ولذا اعتنى بها اليهود، وكان الشيوعيون يعلمون خطرها وتأثيرها على الأفكار حتى قال الزعيم الشيوعي لينين عام ١٩٠٧: «تعتبر السينما من بين جميع الفنون أهمها بالنسبة لنا» (٣).

وقد خاف لينين من تأثير السينما الأمريكية والأوربية على الشعوب الشيوعية، وخشي من إقناعها لهم بالأفكار الليبرالية الرأسمالية فتتحول عن الاشتراكية، وفي هذا يقول لينين: «تسيطر على الفن السينمائي حتى هذه الساعة أيدٍ تجارية قذرة، وتقدم للمشاهدين أفلاما سيئة أكثر مما هي مفيدة، ففي الكثير من الأحيان يفسد الفن السينمائي المشاهدين بأفلام سيئة المضمون». (٤) وهذا ما دعا الكاتب الروسي كاراغانوف أن يؤلف كتابه: الفن السينمائي وصراع الأفكار.

وتأثير السينما على المعتقدات والأفكار، وصياغتها للعقول لا ينفيه صانعوها والمروجون لها والمالكون لأكبر إنتاجها، بل يثبتون ذلك، وكذب من زعم من بني قومنا أنها لمجرد الترفيه والتسلية، وأن من يحاربونها يتهمون غيرهم على غير هدى، فهذا المخترع المشهور توماس إديسون وهو ممن طور آليات السينما يقول: «من يسيطر على السينما يسيطر على أقوى وسيلة للتأثير في الشعب .. » (٥) ويقول مؤرخ الفنون الأمريكي أورين بانوفسكي: «إن السينما سواء أحببنا أم لم نحب هي القوة التي تصوغ أكثر من أي قوة أخرى الآراء والأذواق واللغة والزي والسلوك بل حتى المظهر البدني لجمهور يضم أكثر من ستين بالمئة من سكان الأرض». (٦) حتى قيل: السينما أفيون الشعوب (٧).


(١) النقد السينمائي في الصحافة المصرية ص٤٩
(٢) المصدر السابق ص٦١، ومحمد السيد شوشة ناقد سينمائي قديم، كتب قصة فيلم (آمنت بالله) الذي عرض عام ١٩٥٢م.
(٣) قصة السينما في العالم آرثر نايت، ترجمة سعد الدين توفيق دار الكتاب العربي١٩٦٧ ص٧١ والسينما والأدب، فؤاد دوارة، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب ١٩٩١م ص٢٠ والفن السينمائي وصراع الأفكار ص٣.
(٤) الفن السينمائي وصراع الأفكار ص٣.
(٥) الفيلم والجمهور ص١٨عن السينما والأدب ص١٨.
(٦) السينما آلة وفن، ألبرت فلتون، ترجمة صلاح عز الدين وفؤاد كامل، تقديم عبد الحليم البشلاوي ص٧ والسينما والأدب ص١٩.
(٧) السينما فن، صلاح أبو سيف دار المعارف، مصر ص٤

<<  <  ج: ص:  >  >>