٢ - أن السينما بوابة عريضة للاختلاط كما هو واقع في الدول الأخرى، وإن بُدئت بمنع الاختلاط فإنها ستنتهي بتكريسه؛ إذ الدوافع للاختلاط فيها أكثر من غيرها، سواء في دراستها أو صناعتها أو حضور عرضها.
٣ - أن إيجاد صالات لعرض السينما في المملكة يقود إلى الدعوة لصناعتها السينما محليا، وهو ما يسمى بتوطين السينما -ولا سيما في زمن رفع الشعارات الوطنية- وهو ما حصل في مصر التي سبقتنا في السينما وصناعتها، فإنها ابتدأت أجنبية إلى أن جروا الناس إليها جراً وأفسدوهم بها، وجعلوها وطنية بمضامين الأجانب وأفكارهم وأخلاقهم.
٤ - أن صناعة السينما تتطلب معاهد وجامعات وأكاديميات متخصصة في ذلك، وبعثات طلابية من البنين والبنات لدراسة ما تحتاجه السينما من تمثيل وتصوير وإخراج وغيره، كما حصل في مصر.
٥ - في وقت البطالة وشح الوظائف سيقتنص شياطين السينما كثيراً من الشباب والفتيات لتشغيلهم في صناعة السينما، ويغرونهم بالمال والشهرة؛ ليكونوا طليعة جيش من المفسدين يُقدمون قدوات لأبناء المسلمين وبناتهم كما كان الحال في مصر والشام.
٦ - ستكون الحاجة ملحة حين نخرج جيشاً من صُناع السينما -ممثلين ومصورين ومخرجين- لأنْ تتبنى الدولة إنشاء مدن متكاملة لصناعة السينما على غرار المدن الرياضية لما انتشرت الرياضة، ومصر التي يكدح أهلها نهارهم للكفاف بُني فيها مدن سينمائية واستديوهات ضخمة بدل المشاريع التنموية التي تنفع الناس.
إلى غير ذلك من المفاسد الكبيرة التي يجرها إقرار السينما؛ ولذا فإنه يتوجب على عقلاء الناس رد السفهاء عن هذا الباب من الفساد والدمار الفكري والأخلاقي الذي يطل برأسه عليهم.
الممانعة أصل شرعي ثابت:
إن انتقاد الممانعين للمنكر ومراغمة أهله بحجة أن هذا المنكر أمر واقع لا محالة، منهج يعارض منهج الرسل عليهم السلام؛ إذ إن النبي يأتي يوم القيامة ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد، ولم يوافق هؤلاء الأنبياء عليهم السلام أقوامهم في منكراتهم من الشرك فما دونه بحجة عدم استجابة أقوامهم لهم، فمتى كانت عدم المشاركة في إثم الآثمين، وضلال الضالين سلبية يُنهى عنها بحجة أن المناعة أولى من الممانعة.
لقد كانت البنوك الربوية واقعا مفروضا، والبنوك الإسلامية خيالا مرفوضا، وقام العلماء ببيان الواجب تجاه الربا وبنوكه؛ براءة للذمة، وتحذيرا للأمة، رغم أنه في فترات الممانعة يبدو لمن رأى واقع الربا وانتشاره أن هؤلاء المشايخ ينفخون في الهواء، لكن هذه الممانعة وبيان الحكم الشرعي في الربا على مدى سنوات طويلة آتى ثماره، واضطرت كثير من البنوك لما عزف الناس عنها خوفا من الربا إلى إسباغ الصبغة الشرعية على معاملاتها، وتشكيل اللجان الفقهية في معاملات التورق والمرابحة والاستثمار والأسهم وغيرها، وما ذاك إلا لتأثير ثقافة الممانعة التي ينتقدها الشيخ وفقه الله تعالى.
ثم إنه لا أحد من القائلين بالممانعة يمنع إيجاد ثقافة المناعة إن قدر القائلون بها على إيجادها، والرفض والممانعة لا تعارض إيجاد المناعة، بل كل يعمل في مجاله، وعند النظر والتحقيق فإن مدافعة المنكر ومقاومة أهله هي من المناعة مع إبراء الذمة، وإنذار الخلق، والإعذار لله تعالى [وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ] {الأعراف:١٦٤}.