للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن هؤلاء لم يعارضوا الفن لأجل التصوير ولا التمثيل ولا شيء آخر سوى المضمون القذر الذي لا بد منه حتى تنجح الأفلام والسينما، بل إن العجوز التي انتقدت توبة الفنانات اعترفت بأن ما هو موجود داخل الاستديوهات لا يسمى فناً لقذارته. حتى إن كاتباً في مجلة روز اليوسف عرض في دراسة له كثيراً من المشاهد الجنسية في السينما المصرية وهو مؤيد لها ثم ختم دراسته بقوله: «الجنس فى الدراما السينمائية هو ترمومتر لقياس التطرف في المجتمع المصري، ومدى تسامحه وليبراليته، وليس ذلك دعوة لتقديم الجنس لمجرد الجنس، ولكن تعبيد كل المطبات الاجتماعية والمحاذير الرقابية المكبلة للإبداع» (١) وأما الضوابط والشروط التي تسوغ بها المحرمات فهي أضحوكة هذا الزمن، وأعجوبة يلهي بها المفسدون أهل الغفلة من الناس، وقد رأينا كيف أن الدساتير التي قامت عليها الدول تخرق، فضلا عن مجرد ضوابط وشروط تشترط فيما هو مستنقع للرذائل، ومجمع للمحرمات، فمن يشترطها؟ ومن يراقب تنفيذها؟ وما يعرض في الصحافة عندنا وفي التلفزة الرسمية ينتهك الدستور الإعلامي الذي أقرته الدولة إبان ظهور وسائل الإعلام، بل صارت أجهزت الإعلام تطعن في المنهج الذي قامت عليه الدولة، واجتمعت بسببه!! فكيف بمجرد ضوابط لن تكون حرمتها ومهابتها حرمة الدستور ومهابته.

وفي عام ١٩٤٧ م صدر قانون للسينما في مصر ينص على: «مراعاة احترام الأديان وعدم التعرض للعقائد .. .ولا يسمح بمناظر الحركات المخلة بالآداب بما فيها الرقص الخليع المغري (٢).

ثم ماذا كان في السينما المصرية بعد صدور هذا القانون خلال ستين سنة غير ما نص على منعه من الإزراء بالإسلام وأهله، والسخرية بأحكام الدين ولغته وعلمائه ودعاته، وأما الحركات المخلة بالآداب بما فيها الرقص الخليع والإغراء الفاتن فلا يكاد يخلو منها فيلم، فالقوانين لا تطبق، والدساتير يخرقها أهل الفساد والانحلال، فكيف بمجرد ضوابط وشروط هي لذر الرماد في العيون؟!

ونحن نرى ماذا يعرض ملاك القنوات الفضائية من أبناء بلادنا في فضائياتهم من التهتك والعري، واستعراض أجساد النساء، مما يعيرنا به كثير من العرب والمسلمين من خارج بلادنا، بل يتندر به بعض الأجانب الغربيين علينا؛ لإثبات تناقضنا وازدواجيتنا، فكيف إذا سنحت الفرصة لهؤلاء المفسدين، وسمح لهم بصب ما فضائياتهم من الفساد على أرضنا في قاعات السينما، ثم في استديوهات صناعتها، ومعاهد تدريسها؟!


(١) التطور الطبيعى للمشاهد الساخنة، أحمد باشا، روز اليوسف المصرية في ٥ يناير ٢٠٠٨.
(٢) ينظر: الهوية القومية في السينما العربية ص٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>