لقد كنت شرعت في كتابة هذا الرد قبل مدة من الزمن، ولم أشأ أن يطول هكذا، لكن انتشار الشبهة في هذه الأيام، وازدياد القائلين بموجبها، ألزم القلم بما خالف مراد النفس فجرى مسترسلا، فكانت هذه الورقات تعقيبًا على الشيخ ابن منيع ومن وافقه في تخطئته للرؤية السعودية في سنوات عديدة، وقوله باعتماد الحساب لأنه قطعي في نفي الرؤية لأنها ظنية، وتبين لنا
١ - أن مدار البحثين أعني الرؤية والحساب مداران منفصلان، فلا يصح أن يحكم هذا ذاك، ولا ذاك هذا.
٢ - وعلم مما تقدم كذلك أن الشارع لم يرد لنا أن نصوم الشهر التاسع الفلكي، الذي يبدأ بولادة الهلال التاسع في تلك السنة القمرية، وإنما أراد منا أن نصوم شهرًا، تسعة وعشرين أو ثلاثين يومًا يبدأ بشهود المسلمين لتاسع أهلة تلك السنة، حتى لو صاموا ثمانية وعشرين يومًا ما بين الهلال وإكمال العدة، ويقضون اليوم التاسع والعشرين بعد، وبه يزول الإشكال
٣ - وأن التفريق بين المعنى الشرعي، وغيره، والحقيقة الشرعية وغيرها له نظائر إن لم يكن هو الغالب في الشريعة
٤ - وأن القائلين بالحساب الفلكي أخطؤوا يوم أن قالوا بقطعيته كقطعية نتيجة الجمع أو الضرب، إذ أن الجمع والضرب من جهة أمر حسي، ومن جهة أخرى أنه يتحدث عن أمر قد وقع وشوهد (ماض أو حاضر)، أما الحساب الفلكي فإنه يتحدث عن توقع لنتائج معينة (مستقبل)، لم يشهد لها الحس ولو مرة واحدة بالصحة، ويستحيل أن يشهد لها، لتغاير مدلول النفي والإثبات.
نسأل الله أن يهدينا إلى الصواب، وأن يرينا الحق حقًا، ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم