للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في كتابه إعانة المستفيد الذي هو أيضاً من شروح كتاب التوحيد: "وأما (كتاب التّوحيد) فهو من أعظم مؤلفات الإمام المجدد الشيخ: محمد بن عبد الوهاب ... ولقد نفع الله بهذا الكتاب، وصار الطلاب يحفظونه، والعلماء يشرحونه ويوضحونه ... نسأل الله أن يكتب الاستمرار لنفع هذا الكتاب في الأجيال اللاحقة، كما انتفعت به الأجيال السابقة" (١)، ولأجل ذلك تسابقت الكثير من دور النشر على طباعته، وتسابق أهل الخير والجود بتحمل نفقات طباعته ونشره، وتسابقت الجمعيات الخيرية على توزيعه على الناس في مواسم الحج، فطبعت منه آلاف بل ملايين النسخ، وماكان لله بقي ونفع الله به.

وسار أبناء الشيخ وأئمة الدعوة بعده على هذا النهج، ونفع الله بهم وبفتاويهم ورسائلهم التي دونت وجمعت بعدهم لم تكن لتبقى لولا إرادة الواحد الأحد.

ويلمع منهم ذلك الحفيد الشيخ محمد بن إبراهيم وسلك نهج أجداده في الدعوة إلى التوحيد، والنصح الأمة رغم تقلده وتحمله لعشرات الوظائف العظيمة الثقيلة في الدولة، من الإفتاء، والقضاء، والتعليم العالي (جامعة الإمام والجامعة الإسلامية)، وتعليم البنات، وغيرها من الوظائف التي قسمت الآن على أكثر من رجل بمرتبة وزير، فقيّض الله له من طلابه البررة من جمع له فتاويه ورسائله في مجموع بلغ ١٣ مجلدا، وسميت: (مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم) وسارت به الركبان، وطارت شهرته بخوافي النسور وقوادم العقبان، وهي فتاوى ورسائل مباركة انتفع به العلماء والقضاة وطلاب العلم إلى هذا اليوم، وله شروح وحواشي على عدد من الكتب.

وتستمر القافلة في المسير لنشاهدها في زماننا هذا تُركب معها نتاج ثلة من علمائنا المخلصين أمثال الشيخ العلامة الزاهد عبد العزيز بن عبد الله بن باز الذي أنار درب السائلين، في برنامج: "نور على الدرب" لتجمع تلك الأنوار فتضيء لنا فتاويه وأقواله المجموعة الطريق، ولم يكن ليسطرها بيده مع كف بصره، ولكن بفضل الإخلاص لله تعالى، وبذل العلم والوقت للمسلمين، والحرص على هداية العالمين يقيض الله له من يدونها عنه ويراجعها ويحققها، ويخرج أحاديثها ويدققها.

وغير بعيد عنه صنوه وتلميذه الفقيه الذي أمتع الأمة والفقهاء بفقهه وعلمه، يلقي الدرس، وجل همه تعليم طلابه العلم وتفهيمهم بكل تجرد وإخلاص، فتكون دروسه المسجلة بعد سنين، كتباً ينهل منها كل طلاب العلم الراغبين، وما كتابه "الشرح الممتع على زاد المستقنع" الذي أثنى عليه كبار أهل العلم إلا أثراً من آثار الإخلاص لله تعالى، وأصبح علم هذين العلمين "ابن باز وابن عثيمين" وآرائهما موضع راحة واطمئنان للعامة والخاصة كما غدت أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمة الله على الجميع.

وإن نَسِيت القافلة أن تقل أحداً على مر التاريخ فلن ولم تنس الإمام المحدث خادم السنة وناصرها، محمد ناصر الدين الألباني رحمة الله عليه الذي قدم مشروعاً للأمة منقطع النظير، حين أقبل على كتب السنة يحققها، ويبين الصحيح من العليل، في "سلسلة"، فيروي بعدها الغليل، في "إرواء الغليل"، ويدون التحقيق والتصحيح والتضعيف في كتبه لتبقى بعده تنطق باسمه، ويلهج طلاب العلم برأيه"صححه الألباني، وحسنه الألباني، وضعفه الألباني ... ) كما نطقوا باسم البخاري وغيره من قبل، ولله في خلقه شؤون.


(١) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ص١٣ - ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>