أحدهما: أن دعاء القنوت مشروع عند السبب الذي يقتضيه، ليس بسنة دائمة في الصلاة.
الثاني: أن الدعاء فيه ليس دعاء راتباً، بل يدعو في كل قنوت بالذي يناسبه، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم أولاً وثانياً، وكما دعا عمر رضي الله عنه لما حارب من حاربه في الفتنة، فقنت ودعا بدعاء يناسب مقصوده " (مجموع الفتاوى ٢٣/ ١٠٩).
ومن دعا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يناسب نازلة المسلمين كأن يقول في مثل مصابنا هذه الأيام: (اللهم أنج إخواننا المسلمين في كوسوفا، اللهم انصرهم، اللهم اشدد وطأتك على الصرب النصارى ومن شايعهم وأعانهم، اللهم العنهم، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) فقد أحسن؛ لأن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأجمع ما يدعى به
سادساً: يسن جهر الإمام في القنوت للنازلة. لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لأحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَرُبَّمَا قَالَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ يَجْهَرُ بِذَلِكَ " أخرجه البخاري.
قال النووي: " وحديث قنوت النبي صلى الله عليه وسلم حين قُتل القراء رضي الله عنهم يقتضي أنه كان يجهر به في جميع الصلوات، هذا كلام الرافعي. والصحيح أو الصواب استحباب الجهر ". (المجموع ٣/ ٤٨٢).
قال ابن حجر: " وظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة كما ثبت (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) وثبوت الأمر بالدعاء فيه أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأموم الإمام في الدعاء ولو بالتأمين، ومن ثمَّ اتفقوا على أنه يجهر به " (فتح الباري ٢/ ٥٧٠).
سابعاً: يسن تأمين المأموم على دعاء الإمام في قنوت النازلة. لحديث ابن عباس رضي الله عنه في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: " .. يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ " أخرجه أحمد، وأبو داود بإسناد جيد كما سبق.
ثامناً: يسن رفع اليدين في دعاء قنوت النازلة. لحديث أنس رضي الله عنه قال " .. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ عَلَى شَيْءٍ قَطُّ وَجْدَهُ عَلَيْهِمْ - يعني القرَّاء - فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا عَلَيْهِمْ ". أخرجه أحمد بإسناد صحيح. وقال النووي: " رواه - البيهقي - بإسناد له صحيح أو حسن " (المجموع ٣/ ٤٧٩).
وعن أبي رافع قال: " صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقنت بعد الركوع، ورفع يديه، وجهر بالدعاء ". أخرجه البيهقي وقال " هذا عن عمر صحيح " (سنن البيهقي ٢/ ٢١٢).
قال النووي: " وعن أبي عثمان قال: كان عمر رضي الله عنه يرفع يديه في القنوت. وعن الأسود أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يرفع يديه في القنوت .. رواها البخاري في كتاب رفع اليدين (١) بأسانيد صحيحة، ثم قال في آخرها - يعني البخاري -: هذه الأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه " (المجموع ٣/ ٤٩٠).
تنبيهات:
أولاً: لا يشرع مسح الوجه بعد دعاء القنوت. لأن ما ورد في المسح ضعيف لا يحتج به.
(١) وهو من مصنفات الإمام البخاري رحمه الله. (انظر هدي الساري ص ٥١٦).