للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ - من جهة التحدي بالإتيان بمثل القرآن أو سورة من سوره في بيانه وبلاغته. ب - ومن جهة ما ورد فيه من الأخبار الغيبية التي لا يمكن أن يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بأي وسيلة بشرية مثل: حفظ القرآن, وظهور الإسلام على جميع الأديان ونحوهما من الغيبيات. ج- ومن جهة مطابقته للكشوف العلمية في جميع المجالات مثل الطب والفلك والطبيعة.

٢ - دلالة المعجزات على النبوة.

٣ - دلالة أحوال النبي وصفاته على نبوته صلى الله عليه وسلم، وأبرز مثالٍ له حديث هرقل الطويل وسؤاله عن أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ودلائل نبوته.

وكل قضية عقدية فإنه يمكن الاستدلال العقلي عليها سواء بشكلٍ مباشر, أو غير مباشر، ويكون ذلك بإثبات النبوة عقلاً، وهي بدورها تدل على صدق ما يخبر به النبي من قضايا العقائد والأعمال، وفي قوله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم} [العنكبوت: من الآية ٤٦] فائدتان في موضوع المجادلة لأهل الأديان عموماً وأهل الكتاب خصوصاً:

الأولى: استعمال الأدب الحسن والخلق الرفيع قولاً وفعلاً أثناء المناقشة لأن ذلك أدعى للقبول والتأثير وهذا مأخوذ من قوله: {إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.

والثانية: الإعراض عن مجادلة المعاند الذي لا يريد الوصول إلى الحق أو المقاتل المحارب الذي يتحين الفرصة لإلحاق الأذى بالمسلمين.

ثالثاً: مرتبة المباهلة.

قال تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ونساءنا ونساءكم وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: ٦١]، قوله: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ} أي: "نتداعى باللعن، يقال عليه بَهْلة الله وبُهْلَته أي لعنته" (١)، والابتهال هنا أي: التضرع في الدعاء باللعن (٢).

وهذه الرتبة في الحوار مع أهل الأديان إنما تكون لمن يجادل بالباطل, أو اتضح له الحق وقامت عليه الحجة وأعرض عنها, يقول ابن القيم رحمه الله في فقه قصة وفد نجران: "ومنها: أن السنة في مجادلة أهل الباطل إذا قامت عليهم حجة الله, ولم يرجعوا بل أصروا على العناد أن يدعوهم إلى المباهلة, وقد أمر الله سبحانه بذلك رسوله, ولم يقل: إن ذلك ليس لأمتك من بعدك" (٣).

وهذه درجة متقدمة في حوار أهل الكتاب ولها فائدة عظيمة من جهتين: ١ - إظهار التحدي, والثقة التامة بأن الداعي إلى المباهلة على الحق. ٢ - تخويف المعاند بتعريضه للعنة الله تعالى فربما كان ذلك سبب في رجوعه (٤).

رابعاً: مرتبة المفاصلة والبراءة.


(١) تفسير غريب القرآن - لابن قتيبة - ص / ١٠٦.
(٢) انظر: تفسير الجلالين ص / ١٢٧.
(٣) زاد المعاد ٣/ ٦٢٣.
(٤) دعوة التقريب بين الأديان ٤/ ١٥٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>