للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الرابع: أنه يتضمن المساواة بين الكافرين والمسلمين، يقول تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: ٣٥]. ويقول تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [صّ: ٢٨]. ودعوة التقريب في أساسها تقرر مبدأ المساواة الدينيّة، وهذا رفع لما وضعه الله، وتنزيل لما رفعه الله تعالى, فالتقارب يفترض المساواة بين الأديان وعدم امتلاك الحقيقة المطلقة لأي منها، وهذا شك في الإيمان والإسلام وتوسط بين الأديان وهذا يقتضي ترك الجزم بصحة الحقائق المطلقة في الإسلام ونظرته إلى أهل الأديان الأخرى.

رابعاً: حوار وحدة الأديان وحكمه:

تعريفه:

وحدة الأديان هو "الاعتقاد بصحة جميع المعتقدات الدينيّة، وصواب جميع العبادات، وأنها طرق إلى غاية واحدة" (١) , ومن أبرز المنظرين لها في الوقت الحاضر "روجيه جارودي" تحت غطاء "الإبراهيميَّة" (٢)، ومفتي سوريا الشيخ أحمد كفتارو (٣) , وهما يتفقان في الدعوة إلى وحدة الأديان مع اختلافهما في منطلق ذلك، فالأول يدعو للوحدة من منطلق إنساني فهو يسعى لوحدة أديان الإنسانية ولكنه يرى أن المرحلة الأولى تبدأ بوحدة أديان الملل السماوية الثلاث، تحت مسمَّى (الإبراهيمية)، والثاني من منطلق صوفي وعلى فكرة صوفية وهي الوحدة والاتحاد، وهم الذين يرون العالم كله هو الإله وأن أفراده مثل موج البحر متعدد ولكنه من البحر نفسه، وبناءً على ذلك فكل الأديان صحيحة, لأنها صادرة عن الإله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

والأثر البالغ والكبير لهما هو من جهة مكانتهما وشهرتهما العالمية، فجارودي كان الرجل الثاني في الحزب الاشتراكي الفرنسي بعد الرئيس الفرنسي (جاك شيراك) , وأحمد كفتارو هو المفتي العام لدولة سوريا وله علاقات غامضة بكثير من المؤسسات المشبوهة, وقد نشطا بشكل كبير في بناء المؤسسات القائمة على هذه الأفكار الوحدويّة.

خصائصه: وأبرز الخصائص الفكرية لهذا النوع من الحوار ما يلي:

١ - ما سبق ذكره من خصائص لحوار التقارب.

٢ - اعتقاد صحة عقائد الأديان الأخرى وعباداتها، وأنها طرق موصلة إلى الله.

٣ - اعتبار الخصائص المميزة بين الأديان ظواهر وتقاليد تاريخيّة لشعب معين أو حقبة زمنية معينة, أو اعتبارها أنواعاً مختلفة توصل إلى حقيقة واحدة.

٤ - العمل على المساواة بين كتاب المسلمين وعباداتهم ومساجدهم, مع ما يقابلها عند أصحاب الأديان الأخرى. ومن ذلك (٤):

- الدعوة إلى طباعة المصحف الشريف والتوراة والإنجيل في كتاب واحد بين دفتين.

- بناء مجمع لأماكن العبادة يضم مسجداً وكنيسة وكنيساً.

- تبادل الزيارات بين عمار المساجد ومرتادي المعابد مما يزيل الجفوة ويولد المودة.

- إقامة الصلوات المشتركة في أماكن العبادة لمختلف الأديان, سواء بابتداع صلاة يشترك فيها الجميع, أو بأن يصلي كل واحد صلاة الآخر وغيرها من الشعائر التعبديّة.

حكمه: ومن خلال الخصائص السابقة لهذا النوع من الحوار يتبين أنه كفر خالص وردة عن الدين لأمور كثيرة منها:


(١) دعوة التقريب بين الأديان ١/ ٣٣٩.
(٢) انظر: التحليل المفصل لنظرية جارودي ونقدها في دعوة التقريب بين الأديان ٢/ ٨٣٩ - ٩٣٧.
(٣) انظر دراسة كاملة عنه في المصدر السابق ٣/ ١٣٦.
(٤) انظر: الإبطال لنظريه الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان ص /١٣ - ٢٤ - ٩٦, ودعوة التقريب بين الأديان ٤/ ١٤٦٥ - ١٤٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>